على حدّ ، إلى أن يصل إلى ما قال خالقه سبحانه وتعالى : (وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ) (١).
وإلاّ لكان اعطاؤه العقل لغواً ، تعالى الحكيم عن ذلك فمقتضى الحكمة الالهيّة بالحكومة العقليّة أن لا تختم حياة الانسان بالحياة الدنيويّة فقط ، بل لابدّ من الحياة الاخرى والوصول إلى الدرجات العلى ، والحياة الفضلى.
خامساً : أنّ الفطرة الانسانيّة بنفسها تقضى بمجازاة الظالم ، ومؤاخذة الجاني الغاشم ..
حتّى فطرة الملحدين ومنكري ربّ العالمين ، لذلك تراهم يعاقبون السارق ويؤاخذون المتجاوز ، ويدعون إلى تشكيل أجهزة قضائيّة ، ومحاكم عدليّة للجزاء والانتصاف وتلاحظ أن كلّ انسان ـ إلاّ من شذّ ـ يشعر لأبديّة الجزاء في ضميره ووجدانه.
فيحسّ بهالة من السرور والاطمئنان اذا وفّق لعمل صالح ، وفي قباله يحسّ بكابوسٍ من الغم واللوم إذا ارتكب قبيحاً أو جناية ...
وما ذلك إلاّ لفطريّة الجزاء ، ووجدانيّة المجازات.
فحقانيّة يوم القيامة ثابتة بمنطق العقل ووحي الفطرة ، مضافاّ إلى ما تقدّم من الأدلّة.
وقد عرفت أنّ اكتساب المحاسن والطاعات ، والمعاصي والسيّئات يكون بالبدن والروح معاً ، وفيجب عود كليهما جزاءً.
ومن أجلى الحقائق ما يدركه الانسان من كمال الارتباط بين الروح والبدن في حياته العمليّة ومشاعره الوجدانيّة من كلّ حركة وسكون وفعل وترك ، فينبغي تعلّق الثواب والعقاب بكليهما.
لذلك فالعقل حاكم بالمعاد الانساني .. الجسماني والروحاني معاً.
علماً بأنّه لا يوجد أيّ إشكالٍ رادع ، ولا محالٍ مانع عن عود الأجسام في بعثة الأنام.
وهذا برهان وجداني ودليل عقلي على يوم المعاد ، بلا ريب ولا اشكال.
__________________
(١) سورة النجم ، الآية ٤٢.