في مثل ما تلاحظه من خطب الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأميرالمؤمنين عليه السلام لها في ليلة بدر ، ويوم البصرة وهذا يشهد على حياة الأرواح واحساسها وبقائها ، ففي الحديث :
«روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه وقف على قليب بدر فقال للمشركين الذين قتلوا يومئذ وقد ألقوا في القليب : لقد كنتم جيران سوء لرسول الله ، أخرجتموه من منزله وطردتموه ، ثم اجتمعتم عليه فحاربتموه ، فقد وجدت ما وعدني ربي حقاً.
فقال له عمر : يا رسول الله ما خطابك لهام قد صديث.
فقال له صلى الله عليه وآله : مه يا ابن الخطاب ، فو الله ما أنت بأسمع منهم وما بينهم وبين أن تأخذهم الملائكة بمقامع الحديد إلا أن أعرض بوجهي هكذا عنهم» (١).
كما روى أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام بعد واقعة البصرة مرّ على قاضي السوء كعب بن سور الذي أفتى الناس بمحاربة أميرالمؤمنين ، وعلّق في عنقه مصحفاً وخرج بأهله وولده لحرب أميرالمؤمنين عليه السلام ، فوقف أميرالمؤمنين عليه وهو ميّت ، فقال :
«أجلسوا كعب بن سور ، فأجلس فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : يا كعب لقد وجدت ما وعدني ربي حقاً فهل وجدت ما وعدك ربك حقاً؟ ثم قال : أضجعوا كعباً.
ومر على طلحة بن عبيدالله فقال : هذا الناكث بيعتي والمنشئ الفتنة في الأمة والمجلب علي والداعي إلى قتلي وقتل عترتي أجلسوا طلحة بن عبيدالله ، فأجلس فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقاً فهل وجدت ما وعدك ربك حقاً؟
ثم قال : أضجعوا طلحة وسار.
فقال له بعض من كان معه : يا أميرالمؤنين أتكلم كعباً وطلحة بعد قتلهما؟
فقال : يا رجل فو الله لقد سمعا كلامي كما سمع أهل القليب كلام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر» (٢).
__________________
(١) حقّ اليقين : ج ٢ ، ص ٧٣.
(٢) حقّ اليقين : ج ٢ ، ص ٧٣.