يوم لا ينفع الحذر إذ عاينوا الهول الشديد فاستكانوا ، وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا.
فانشقت القبور بعد طول انطباقها ، واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها ، كشف عن الآخرة غطاؤها ، فظهر للخلق أنباؤها ، فدكت الأرض دكاً دكاً ومدت لأمر يراد بها مداً مداً ، واشتد المبادرون إلى الله شداً شداً ، وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفاً زحفاً ، ورد المجرمون على الأعقاب رداً رداً ، وجد الأمر ويحك يا إنسان جداً جداً ، وقربوا للحساب فرداً فرداً ، وجاء ربك والملك صفاً صفاً ، يسألهم عما عملوا حرفاً حرفاً ، وجيء بهم عراة الأبدان ، خشعاً أبصارهم ، أمامهم الحساب ، ومن ورائهم جهنم ، يسمعون زفيرها ، ويرون سعيرها ، فلم يجدوا ناصراً ولا ولياً يجيرهم من الذلّ ، فهم يعدون سراعاً إلى مواقف الحشر ، يساقون سوقاً.
فالسماوات مطويات بيمينه كطي السجل للكتب ، والعباد على الصراط وجلت قلوبهم ، يظنون أنهم لا يسلمون ولا يؤذن لهم ، فيتكلمون ولا يقبل منهم فيعتذرون ، قد ختم على أفواههم واستنطقت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.
يا لها من ساعةٍ ما أشجى مواقعها من القلوب حين ميز بين الفريقين ، فريق في الجنة وفريق في السعير ، من مثل هذا فليهرب الهاربون ، إذا كانت الدار الآخرة لها فليعمل العاملون» (١).
٢ ـ حديث ياسر الخادم عن الامام الرضا عليه السلام انه قال :
«إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن : يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا.
__________________
(١) البحار : ج ٧ ، ص ٩٨ ، ب ٥ ، ح ٢.