بخمسين ألف درهم ، فربحت والله بتلك الركبة وأربحت.
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجلي (١) ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري ، أنا أبو القاسم آدم بن محمد بن آدم المعدّل ، أنا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني (٢) ، نا إبراهيم بن محمد [بن بركشة](٣) قال : سمعت شيخا يحدّث أبي وأنا غلام ، فحفظت عنه ما حدّثه به ولم أعرف اسمه قال : حدثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال : عملت في أيام الرشيد لحنا وهو هذا :
سقيّا لأرض إذا ما نمت نبّهني |
|
بعد الهدوء بها قرع النواقيس |
كأن سوسنها في كل شارقة |
|
على الميادين أذناب الطواويس (٤) |
فأعجبني ذلك ، وعملت على أن أباكر به الرشيد ، فلقيني في طريقي خادم لعليّة بنت المهدي فقال : مولاتي تأمرك بدخول الدّهليز لتسمع من بعض جواريها غناء أخذته من أبيك ، وتشكّ فيه الآن ، فدخلت معه إلى حجرة قد أفردت لي كأنها كانت معدّة ، فجلست وقدّم إليّ طعام وشراب ، فنلت حاجتي منها ، ثم خرج إليّ خادم فقال : تقول لك مولاتي أنا أعلم أنك قد غدوت إلى أمير المؤمنين بصوت قد أعددته له محدث ، فأسمعنيه ولك جائزة سنية تتعجلها ، ثم ما يأمر به لك بين يديك ولعله لا يأمر لك بشيء أو لا يقع الصوت منه بحيث ظننت (٥) ، فيذهب سعيك باطلا ، فاندفعت فغنّيتها إياه ولم تزل تستعيده مرارا ، ثم أخرجت إليّ عشرين ألف درهم وعشرين ثوبا ، ثم قالت : هذه جائزتك ولم تزل تستعيده ثم قالت : اسمعه الآن ، فغنّته غناء ما خرق سمعي مثله ، ثم قالت : كيف تراه؟ قلت : أرى والله ما لم أر مثله ، قالت : يا فلانة أعيدي له مثل ما أخذ فأحضرتني عشرين ألفا أخرى وعشرين ثوبا فقالت : هذا ثمنه ، وأنا الآن داخلة إلى أمير المؤمنين ولن أبدأ الغناء غيره ، وأخبره أنه من صنعتي وأعطي الله عهدا لئن نطقت بأن لك فيه صنعة لأقتلنّك ، هذا إن نجوت منه إن علم بمصيرك إليّ ، فخرجت
__________________
(١) ضبطت عن التبصير.
(٢) الأغاني ١٠ / ١٦٨ في أخبار علية بنت المهدي.
(٣) الزيادة عن الأغاني.
(٤) البيتان في الأغاني ١٠ / ١٦٨.
(٥) الأغاني : توخيت.