بطنت في الكفر ؛ قال : والله قد بطنت في الكفر. قال : فقلت له : أنشدك الله أسلم ، فقال : أسلم وهذان ابناي ، وقد تزوجت امرأة [منهم](١) وهذان ابناها. وإذا دخلت المدينة فقال أحدهم : يا نصرانيّ وقيل لولدي وأمهم كذلك. لا والله لا أفعل : فقلت له : قد كنت قارئا للقرآن : فقال : إي والله قد كنت من أقرإ القرّاء للقرآن فقلت : فما بقي معك من القرآن؟ قال : لا شيء إلّا هذه الآية (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ)(٢) وقد رويت هذه القصة من وجه آخر.
أخبرنا بها أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان في كتابه.
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني ، وحدّثنا أبو الفضل بن ناضر ، أنا أبو طاهر الباقلاني ، وأبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد البزّاز ، وأبو علي بن نبهان قالوا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ ، نا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ، نا عمر بن شبّة قال (٣) : وحدّثني سعيد بن عامر ، عن جويرية بن أسماء ، عن إسماعيل بن أبي حكيم قال : كتبت إلى عمر بن عبد العزيز والبريد الذي جاءه من القسطنطينية يحدّثه قال : بينا أنا أسير على بغلتي في مدينة القسطنطينية إذ سمعت غناء لم أسمع غناء قط أحسن منه فو الله ما أدري أكذاك هو أو لغربة العربية في تلك البلاد. فإذا رجل في غرفة ـ درجة تلك الغرفة في الطريق ـ فنزلت عن بغلتي فأوثقتها ، ثم صعدت الدرجة فقمت على باب الغرفة ، فإذا رجل مستلق على قفاه واضع إحدى رجليه على الأخرى ، وإذا هو يغنّي بيتين من الشعر لا يزيد عليهما ، فإذا فرغ بكى فيبكي ما شاء الله ثم يعيد ذينك البيتين ثم يعود إلى البكاء ففعل ذلك غير مرة ، وأنا قائم على باب الغرفة ، وهو لا يراني ولا يشعر بي. والبيتان :
وكائن بالبلاط إلى المصلّى |
|
إلى أحد إلى ما حاز ريم |
إلى الجمّاء من خدّ أسيل |
|
نقيّ اللّون ليس به كلوم |
__________________
(١) ما بين معكوفتين زيادة عن الأغاني.
(٢) سورة الحجر ، الآية : ٢.
(٣) انظر الأغاني ٦ / ١١٧.