زاخرة (١) ، وبدورها زاهرة. دولة ملك ترجى الركائب الى حرمه ، وتوحى الرغائب من كرمه ، وتنزل المطالب بساحته ، وتستنزل الراحة من راحته ، قد بلغ نهاية الاطوار ، وبلغ غاية الاطوار ، فهو قبلة الصلات ان لم يكن قبلة الصلاة ، وكعبة المحتاج ان لم يكن كعبة الحجاج ، ومشعر الكرام ان لم يكن مشعر الحرام ، ومنى الضيف ان لم يكن منى الخيف ، بابه غير مرتج (٢) عن كل مرتج ، ونوابه أي منهج لكل ذي منهج.
إذا غلقت أبواب قوم لعلة |
|
فبابك مفتوح وليس بمرتج |
وسيفك موقوف على طلب العلى |
|
وسيبك (٣) موقوف على كل مرتجي |
فهو للارزاق في الخصب والجدب قاسم ، وللاعمار بالحرب والضرب قاصم ، فمنحه رغائب ومحنه غرائب ، قد أصبح لحجم الكفر ماحياً ولحمي الايمان حامياً ، بهمته تعزل السماك الاعزل لسموها ، وتجر على المجرة ذيل علوها ، همم لم يزل لسهام المعالي مقلا عراؤها لا ينام ، ولقد أو طأتك ذروة مجد لا تسامى ورتبته لا تسام ، وفصلت هذه المساعي غير القول فضلت في وصفها الافهام.
وكيف لا يكون كذلك وهو ثمرة غصن شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء (٤) لدى العزيز الغفور ، زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور (٥) ، فماذا عسى بمثلي أن يطري ويقول بعد مدح الله بهذه الشجرة والرسول ، لكني أتبرك فأقول اجمالا واجلالا وان استلزم للقصور
__________________
١. زخر البحر : مد وكثر ماؤه وأرتفعت أمواجه.
٢. ارتجت الباب ارتاجا : أغلقته أغلاقا وثيقا.
٣. السيب العطاء.
٤. سورة ابراهيم : ٢٤.
٥. سورة النور : ٣٥.