الحديث من غير فصل بينهما لعلم السامع الذي حضره بمعناه وقد وجد مثل ذلك كثيرا في الأخبار فغير جائز فيما كان هذا وصفه أن يعزى إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بالاحتمال وجائز أن يكون أبو هريرة قال ذلك من جهة أنه سمع النبي عليه السلام يجهر بها وظنها من السورة لأن أبا هريرة قد روى الجهر عن النبي صلىاللهعليهوسلم وأيضا لو ثبت هذا الحديث عاريا من الاضطراب في السند والاختلاف في الرفع وزوال الاحتمال في كونه من قول أبى هريرة لما جاز لنا إثباتها من السورة إذ كان طريق إثباتها نقل الأمة على ما بين آنفا.
فصل وأما القول في أنها آية أو ليست بآية فإنه لا خلاف أنها ليست بآية تامة في سورة النمل وأنها هناك بعض آية وإن ابتداء الآية من قوله تعالى (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) ومع ذلك فكونها ليست آية تامة في سورة النمل لا يمنع أن تكون آية في غيرها لوجودها مثلها في القرآن ألا ترى أن قوله (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في أضعاف الفاتحة هو آية تامة وليست بآية تامة من قوله (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) عند الجميع وكذلك قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) هو آية تامة في الفاتحة وهي بعض آية في قوله تعالى (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وإذا كان كذلك احتمل أن تكون بعض آية في فصول السور واحتمل أن تكون آية على حسب ما ذكرنا وقد دللنا على أنها ليست من الفاتحة فالأولى أن تكون آية تامة من القرآن من غير سورة النمل لأن التي في سورة النمل ليست بآية تامة والدليل على أنها آية تامة حديث ابن أبى مليكة عن أم سلمة رضى الله تعالى عنها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ في الصلاة فعدها آية وفي لفظ آخر أن النبي عليه السلام كان يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية فاصلة رواه الهيثم بن خالد عن أبى عكرمة عن عمرو بن هارون عن أبى مليكة عن أم سلمة عن النبي عليه السلام وروى أيضا أسباط عن السدى عن عبد خير عن على أنه كان يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية وعن ابن عباس مثله وروى عبد الكريم عن أبى أمية البصري عن ابن أبى بردة عن أبيه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو سورة لم تنزل على نبي بعد سليمان عليه السلام غيرى فمشى واتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد وأخرج إحدى رجليه من أسكفة الباب وبقيت الرجل الأخرى ثم أقبل على بوجهه فقال بأى شيء تفتح القرآن