كان في حرف عبد الله متتابعات وروى يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون قال سألت إبراهيم عن الصيام في كفارة اليمين فقال كما في قراءتنا فصيام ثلاثة أيام متتابعات وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبى العالية قال كان أبى يقرأها فصيام ثلاثة أيام متتابعات وقد بينا ذلك مستقصى في أصول الفقه* فإن قيل لما قال الله (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وكان الأمر عندنا جميعا على الفور وجب أن يلزمه القضاء في أول أحوال الإمكان من غير تأخير وذلك يقتضى تعجيل قضائه يوما بعد يوم وفي وجوب ذلك إلزام التتابع* قيل له ليس كون الأمر على الفور من لزوم التتابع في شيء ألا ترى أن ذلك إنما يلزم على الفور على حسب الإمكان وأنه لو أمكنه صوم أول يوم فصامه ثم مرض فأفطر لم يلزمه من كون الأمر على الفور التتابع ولا استئناف اليوم الذي أفطر فيه فدل ذلك على أن لزوم التتابع غير متعلق بكون الأمر بالقضاء على الفور دون المهلة وأن التتابع له صفة أخرى غيره والله أعلم.
باب في جواز تأخير قضاء رمضان
قال الله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فأوجب العدة في أيام غير معينة في الآية فقال أصحابنا جائز له أن يصوم أى وقت شاء ولا يحفظ عنهم رواية في جواز تأخيره إلى انقضاء السنة والذي عندي أنه لا يجوز تأخيره إلى أن يدخل رمضان آخر وهو عندي على مذهبهم وذلك لأن الأمر عندهم إذا كان غير موقت فهو على الفور وقد بينا ذلك في أصول الفقه وإذا كان كذلك فلو لم يكن قضاء رمضان موقتا بالسنة لما جاز له التأخير عن ثانى يوم الفطر إذ غير جائز أن يلحقه التفريط بالتأخير من غير علم منه بآخر وقت وجوب الفرض الذي لا يجوز له تأخيره عنه كما لا يجوز ورود العبادة بفرض مجهول عند المأمور ثم يلحقه التعنيف واللوم بتركه قبل البيان لا فرق بينهما وإذا كان كذلك وقد علمنا أن مذهبهم جواز تأخير قضاء رمضان عن أول أوقات إمكان قضائه ثبت أن تأخيره موقت بمضى السنة فكان ذلك بمنزلة وقت الظهر لما كان أوله وآخره معلومين جاز ورود العبادة بفعلها من أوله إلى آخره وجاز تأخيرها إلى الوقت الذي يخاف فوتها بتركها لأن آخر وقتها الذي يكون مفرطا بتأخيرها معلوم وقد روى جواز تأخيره في السنة عن جماعة من السلف وروى يحيى بن سعيد عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال