حين أحلوا من إحرامهم بعمرة ولا يكون إلا وقد تقدم الصوم قبل ذلك.
باب المتمتع إذ لم يصم قبل يوم النحر
قال الله تعالى (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) واختلف السلف فيمن لم يجد الهدى ولم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر فقال عمر بن الخطاب وابن عباس وسعيد ابن جبير وإبراهيم وطاوس لا يجزيه إلا الهدى وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد وقال ابن عمر وعائشة يصوم أيام منى وهو قول مالك وقال على بن أبى طالب يصوم بعد أيام التشريق وهو قول الشافعى* قال أبو بكر قد ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم النهى عن صوم يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق في أخبار متواترة مستفيضة واتفق الفقهاء على استعمالهما وأنه غير جائز لأحد أن يصوم هذه الأيام عن غير صوم المتعة لا من فرض ولا من نفل فلم يجز صومها عن المتعة لعموم النهى عن الجميع ولما اتفقوا على أنه لا يجوز أن يصوم يوم النحر وهو من أيام الحج للنهى الوارد فيه كذلك لا يجوز الصوم أيام منى ولما لم يجز أن يصومهن عن قضاء رمضان لقوله (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وكان الحظر المذكور في هذه الأخبار قاضيا على إطلاق الآية موجبا لتخصيص القضاء في غيرها وجب أن يكون ذلك حكم صوم التمتع وأن يكون قوله تعالى (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) في غير هذه الأيام* قال أبو بكر وأيضا لما قال (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) ولم يكن* صوم هذه الأيام في الحج لأن الحج فائت في هذا الوقت لم يجز أن يصومها* فإن قيل* لما قال (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) وهذه من أيام الحج وجب أن يجوز صومهن فيها* قيل له لا يجب ذلك من وجوه أحدها أن نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن صوم هذه الأيام قاض عليه ومخصص له كما خص قوله تعالى (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) نهيه عن صيام هذه الأيام والثاني أنه لو كان جائز إلا أنه من أيام الحج لوجب أن يكون صوم يوم النحر أجوز لأنه أخص بأفعال الحج من هذه الأيام والثالث أن النبي صلىاللهعليهوسلم خص يوم عرفة بالحج بقوله الحج عرفة فقوله (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) يقتضى أن يكون آخرها يوم عرفة والرابع أنه روى أن يوم الحج الأكبر يوم عرفة وروى أنه يوم النحر وقد اتفقوا أنه لا يصوم يوم النحر مع أنه يوم الحج فما لم يسم يوم الحج من الأيام المنهي عن صومها أحرى أن لا يصوم فيها وأيضا فإن الذي يبقى بعد يوم النحر إنما هو من توابع الحج