ومجاهد في قوله تعالى (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) أنها محكمة وأنه حق واجب عند القوم غير الزكاة* وأما الحقوق التي تجب بأسباب من قبل العبد نحو الكفارات والنذور فلا* خلاف أن الزكاة لم تنسخها* واليتامى المرادون بالآية هم الصغار الفقراء الذين مات آباؤهم والمساكين مختلف فيه وسنذكر ذلك في سورة براءة إن شاء الله تعالى وابن السبيل* روى عن مجاهد أنه المسافر وعن قتادة أنه الضيف القول الأول أشبه لأنه إنما سمى ابن السبيل لأنه على الطريق كما قيل للطير الأوز ابن ماء لملازمته له قال ذو الرمة :
وردت اعتسافا والثريا كأنها |
|
على قمة الرأس ابن ماء محلق |
والسائلين يعنى به الطالبين للصدقة قال الله تعالى (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا معاذ بن المثنى قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا سفيان قال حدثنا مصعب بن محمد قال حدثنا يعلى بن أبى يحيى عن فاطمة بنت حسين ابن على رضى الله تعالى عنهم أجمعين قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (للسائل حق وإن جاء على فرس) حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا عبيد بن شريك حدثنا أبو الجماهر قال حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال (اعطوا السائل وإن أتى على فرس) والله تعالى أعلم.
باب القصاص
قال الله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) هذا كلام مكتف بنفسه غير مفتقر إلى ما بعده ألا ترى أنه لو اقتصر عليه لكان معناه مفهوما من لفظه واقتضى ظاهره وجوب القصاص على المؤمنين في جميع القتلى* والقصاص هو أن يفعل به مثل ما فعل به من قولك اقتص أثر فلان إذا فعل مثل فعله قال الله تعالى (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) وقال تعالى (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ) أى ابتغى أثره* وقوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ) معناه فرض عليكم كقوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ـ وـ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ) وقد كانت الوصية واجبة ومنه الصلوات المكتوبات يعنى بها المفروضات* فانتظمت الآية إيجاب القصاص على المؤمنين إذا قتلوا لمن قتلوا من سائر المقتولين لعموم لفظ المقتولين والخصوص إنما هو في القاتلين لأنه لا يكون