له بالمال إذا قامت بينة وهذا يدل على أن البينة إذا قامت بأن لأبيه الميت على هذا ألف درهم أو أن هذه الدار تركها الميت ميراثا أنه جائز للوارث أن يدعى ذلك ويأخذه بحكم الحاكم له به وإن لم يعلم صحة ذلك إذ هو غير عالم بأنه مبطل فيما يأخذه والله تعالى إنما ذم العالم به إذا أخذه بقوله (لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ومما يدل على نفاذ حكم الحاكم بما وصفنا من العقود وفسخها اتفاق الجميع على أن ما اختلف فيه الفقهاء إذا حكم الحاكم بأحد وجوه الاختلاف نفذ حكمه وقطع ما أمضاه تسويغ الاجتهاد في رده ووسع المحكوم له أخذه ولم يسع المحكوم عليه منعه وإن كان اعتقادهما خلافه كنحو الشفعة بالجوار والنكاح بغير ولى ونحوهما من اختلاف الفقهاء.
باب الإهلال
قوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) وإنما يسمى هلالا في أول ما يرى وما قرب منه لظهوره في ذلك الوقت بعد خفائه ومنه الإهلال بالحج وهو إظهار التلبية واستهلال الصبى ظهور حياته بصوت أو حركة ومن الناس من يقول أن الإهلال هو رفع الصوت وأن إهلال الهلال من ذلك لرفع الصوت بذكره عند رؤيته والأول أبين وأظهر ألا ترى أنهم يقولون تهلل وجهه إذا ظهر منه البشر والسرور وليس هناك صوت مرفوع* وقال تأبط شرا :
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه |
|
برقت كبرق العارض المتهلل |
يعنى الظاهر* وقد اختلف أهل اللغة في الوقت الذي يسمى هلالا فمنهم من قال يسمى هلالا لليلتين من الشهر ومنهم من قال يسمى لثلاث ليال ثم يسمى قمرا وقال الأصمعى يسمى هلالا حتى يحجر وتحجيره أن يستدير بخطة دقيقة ومنهم من يقول يسمى هلالا حتى يبهر ضوءه سواد الليل فإذا غلب ضوءه سمى قمرا قالوا وهذا لا يكون إلا في الليلة السابعة وقال الزجاج الأكثر يسمونه هلالا لابن ليلتين* وقيل أن سؤالهم وقع عن وجه الحكمة في زيادة الأهلة ونقصانها فأجابهم أنها مقادير لما يحتاج إليه الناس في صومهم وحجهم وعدد نسائهم ومحل الديون وغير ذلك من الأمور فكانت هذه منافع عامة لجميعهم وبها عرفوا الشهور والسنين وما لا يحصيه من المنافع والمصالح غير الله تعالى وفي هذه الآية دلالة على جواز الإحرام بالحج في سائر السنة لعموم اللفظ في سائر