والقيام والركوع والسجود لما كان على وجه البيان كان على الوجوب* ومن جهة السنة ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد الله بن بديل بن ورقاء الليثي عن عمرو بن دينار عن ابن عمر أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوما عند الكعبة فسأل النبي صلىاللهعليهوسلم فقال اعتكف وصم * وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن إبان بن صالح القرشي قال حدثنا عمرو بن محمد عن عبد الله بن بديل بإسناده نحوه وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم على الوجوب فثبت بذلك أنه من شروط الاعتكاف* ويدل عليه أيضا قول عائشة رضى الله تعالى عنها من سنة المعتكف أن يصوم ويدل عليه من جهة النظر اتفاق الجميع على لزومه بالنذر فلو لا ما يتضمنه من الصوم لما لزم بالنذر لأن ما ليس له أصل في الوجوب لا يلزم بالنذر ولا يصير واجبا كما أن ما ليس له أصل في القرب لا يصير قربة وإن تقرب به ويدل عليه أن الاعتكاف لبث في مكان فأشبه الوقوف بعرفة والكون بمنى لما كان لبثا في مكان لم يصر قربة إلا بإنضمام معنى آخر إليه هو في نفسه قربة فالوقوف بعرفة الإحرام والكون بمنى الرمي* فإن قيل لو كان من شرطه الصوم لما* صح بالليل لعدم الصوم فيه* قيل له قد اتفقوا على أن من شرطه اللبث في المسجد ثم لا يخرجه من الاعتكاف خروجه لحاجة الإنسان وللجمعة ولم ينف ذلك كون اللبث في المسجد شرطا فيه كذلك من شرطه الصوم وصحته بالليل مع عدم الصوم غير مانع أن يكون من شرطه وكذلك اللبث بمنى قربة لأجل الرمي ثم يكون اللبث بالليل بها قربة لرمي يفعله في غد كذلك الاعتكاف بالليل صحيح بصوم يستقبله في غد والله أعلم.
باب ما يجوز للمعتكف أن يفعله
قال الله تعالى (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) يحتمل اللفظ حقيقة المباشرة التي هي إلصاق البشرة بالبشرة من أى موضع كان من البدن ويحتمل أن يكون كناية عن الجماع كما كان المسيس كناية عن الجماع وحقيقته المس باليد وبسائر الأعضاء وكما قال (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) والمراد الجماع فلما اتفق الجميع أن هذه الآية قد حظرت الجماع على المعتكف وأنه مراد بها وجب أن تنتفى إرادة المباشرة التي هي حقيقة لامتناع كون لفظ واحد حقيقة مجازا وقد اختلف الفقهاء في مباشرة