في هذا الموضع بيان معنى السحر وحكمه والآن حيث انتهى بنا القول إلى ذكر قول الفقهاء فيه وما تضمنته الآية من حكمه وما يجرى على مدعى ذلك من العقوبات على حسب منازلهم في عظم المأثم وكثرة الفساد والله أعلم بالصواب.
باب اختلاف الفقهاء في حكم الساحر وقول السلف فيه
حدثنا عبد الباقي حدثنا عثمان بن عمر الضبي قال حدثنا عبد الرحمن بن رجاء قال أخبرنا إسرائيل عن أبى إسحاق عن هبيرة عن عبد الله قال من أتى كاهنا أو عرافا أو ساحرا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد عليه السلام وروى عبد الله عن نافع عن ابن عمر أن جارية لحفصة سحرتها فوجدوا سحرها واعترفت بذلك فأمرت عبد الرحمن بن زيد فقتلها فبلغ ذلك عثمان فأنكره فأتاه ابن عمر فأخبره أمرها وكان عثمان إنما أنكر ذلك لأنها قتلت بغير أذنه وذكر ابن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع بحالة يقول كنت كاتبا لجزى بن معاوية فأتى كتاب عمر أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقتلنا ثلاث سواحر وروى أبو عاصم عن الأشعث عن الحسن قال يقتل الساحر ولا يستتاب وروى المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب أن عمر بن الخطاب أخذ ساحرا فدفنه إلى صدره ثم تركه حتى مات وروى سفيان عن عمرو عن سالم بن أبى الجعد قال كان قيس ابن سعد أميرا على مصر فجعل يفشو سره فقال من هذا الذي يفشى سرى فقالوا ساحر هاهنا فدعاه فقال له إذا نشرت الكتاب علمنا ما فيه فأما ما دام مختوما فليس نعلمه فأمر به فقتل وروى أبو إسحاق الشيباني عن جامع بن شداد عن الأسود بن هلال قال قال على بن أبى طالب عليه السلام إن هؤلاء العرافين كهان العجم فمن أتى كاهنا يؤمن له بما يقول فهو برىء مما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام وروى مبارك عن الحسن أن جندبا قتل ساحرا وروى يونس عن الزهري قال يقتل ساحر المسلمين ولا يقتل ساحر أهل الكتاب لأن النبي صلىاللهعليهوسلم سحره رجل من اليهود يقال له ابن أعصم وامرأة من يهود خيبر يقال لها زينب فلم يقتلهما وعن عمر بن عبد العزيز قال يقتل الساحر* قال أبو بكر اتفق هؤلاء السلف على وجوب قتل الساحر ونص بعضهم على كفره واختلف فقهاء الأمصار في حكمه على ما نذكره فروى ابن شجاع عن الحسن بن زياد عن أبى حنيفة أنه قال في الساحر يقتل إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله إنى أترك السحر وأتوب منه