إرادة الأفضلية لأن إرادة الجواز تنفى ثبوت حكمه مع عدم النية وإرادة الأفضلية تقتضي إثبات حكم شيء منه لا محالة مع إثبات النقصان فيه ونفى الأفضلية ويستحيل أن يريد نفى الأصل ونفى الكمال الموجب للنقصان في حال واحد وهذا مما لا يصح فيه إرادة المعنيين من نفى الأصل وإثبات النقص ولا يصح قيام الدلالة على إرادتهما قال أبو بكر وإذا ثبت اقتضاؤه لمعنى الأمر انقسم ذلك إلى فرض ونفل فالفرض هو ذكر الله عند افتتاح الصلاة في قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) فجعله مصليا عقيب الذكر فدل على أنه أراد ذكر التحريمة وقال تعالى (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) قيل إن المراد به ذكر الافتتاح ى عن الزهري في قوله تعالى (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) قال هي بسم الله الرحمن الرحيم وكذلك هو في الذبيحة فرض وقد أكده بقوله (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَ) وقوله (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) وهو في الطهارة والأكل والشرب وابتداء الأمور نفل فإن قال قائل هل لا أوجبتم التسمية على الوضوء بمقتضى الظاهر لعدم الدلالة على خصوصه مع ما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) قيل له الضمير ليس بظاهر فيعتبر عمومه وإنما ثبت منه ما قامت الدلالة عليه وقوله (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) على جهة نفى الفضيلة لدلائل قامت عليه.
باب القول في أن البسملة من القرآن
قال أبو بكر لا خلاف بين المسلمين في أن بسم الله الرحمن الرحيم من القرآن في قوله تعالى (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وروى أن جبريل عليه السّلام أول ما أتى النبي صلىاللهعليهوسلم بالقرآن قال له اقرأ قال ما أنا بقارئ قال له (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وروى أبو قطن عن المسعودي عن الحرث العكلي أن النبي عليه السّلام كتب في أوائل الكتب باسمك اللهم حتى نزل (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) فكتب بسم الله ثم نزل قوله تعالى (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) فكتب فوقه الرحمن فنزلت قصة سليمان فكتبها حينئذ ومما سمعنا +في سنن أبى داود قال قال الشعبي ومالك وقتادة وثابت أن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم حتى