الجهر منهم أبو بكر وعمر وعلى وابن مسعود وابن المغفل وأنس بن مالك وقول إبراهيم الجهر بها بدعة إذ كان متى روى عن النبي عليه السلام خبران متضادان وظهر عمل السلف بأحدهما كان الذي ظهر عمل السلف به أولى بالإثبات والوجه الآخر أن الجهر بها لو كان ثابتا ورد النقل به مستفيضا متواترا كوروده في سائر القراءة فلما لم يرد النقل به من جهة التواتر علمنا أنه غير ثابت إذا الحاجة إلى معرفة مسنون الجهر بها كهي إلى معرفة مسنون الجهر في سائر فاتحة الكتاب* فإن احتج بما حدثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب الأصم قال حدثنا ربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعى قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عثمان بن حنتم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع فناداه المهاجرون حين سلم والأنصار أى معاوية سرقت الصلاة أين بسم الله الرحمن الرحيم وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت فصلى بهم صلاة أخرى فقال فيها ذلك الذي عابوا عليه قال فقد عرف المهاجرون والأنصار الجهر بها* قيل له لو كان ذلك كما ذكرت لعرفه أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود وابن المغفل وابن عباس ومن روينا عنهم الإخفاء دون الجهر ولكان هؤلاء أولى بعلمه لقوله عليه السلام (ليلينى منكم أولوا الأحلام والنهى) وكان هؤلاء أقرب إليه في حال الصلاة من غيرهم من القول المجهولين الذين ذكرت وعلى أن ذلك ليس باستفاضة لأن الذي ذكرت من قول المهاجرين والأنصار إنما رويته من طريق الآحاد ومع ذلك فليس فيه ذكر الجهر وإنما فيه أنه لم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ونحن أيضا ننكر ترك قراءتها وإنما كلامنا في الجهر والإخفاء أيهما أولى والله أعلم.
فصل والأحكام التي يتضمنها قوله بسم الله الرحمن الرحيم الأمر باستفتاح الأمور للتبرك بذلك والتعظيم لله عز وجل به وذكرها على الذبيحة وشعار وعلم من علام الدين وطرد الشيطان لأنه روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال (إذا سمى الله العبد على طعامه لم ينل منه الشيطان وإذا لم يسمه نال منه معه) وفيه إظهار مخالفة المشركين الذين يفتتحون أمورهم بذكر الأصنام أو غيرها من المخلوقين الذين كانوا يعبدونهم وهو مفزع للخائف ودلالة من قائله على انقطاعه إلى الله تعالى ولجأه إليه وأنس للسامع