صلاتي العيد لا تختلفان في حكم التكبير فيهما والخطبة بعدهما وسائر سننهما فكذلك ينبغي أن تكون سنة التكبير في الخروج إليهما* وفي هذه الآية دلالة على بطلان قول أهل الجبر لأن فيها أن الله قد أراد من المكلفين إكمال العدة واليسر وليكبروه ويحمده ويشكروه على نعمته وهدايته لهم إلى هذه الطاعات التي يستحقون بها الثواب الجزيل فقد أراد من الجميع هذه الطاعات وفعل الشكر وإن كان فيهم من يعصيه ولا يشكره فثبت بدلالة هذه الآية أن الله لم يرد من أحد أن يعصيه ولا أن يترك فروضه وأوامره بل أراد من الجميع أن يطيعوه ويشكروه مع ما دلت العقول عليه بأن فاعل ما أريد منه مطيع للمريد متبع لأمره فلو كان الله تعالى مريدا للمعاصي لكان العصاة مطيعين له فدلالة العقول موافقة لدلالة الآية والله سبحانه وتعالى الموافق للصواب.
باب الأكل والشرب والجماع ليلة الصيام
قال الله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ ـ إلى قوله ـ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) روى عن ابن عباس أن ذلك كان في الفرض الأول من الصيام بقوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وأنه كان صومه ثلاثة أيام من كل شهر وأنه كان من حين يصلى العتمة يحرم عليهم الطعام والشراب والجماع إلى القابلة رواه عطية عن ابن عباس وروى عكرمة عن ابن عباس مثله ولم يذكر أنه كان في الصوم الأول وروى عطاء عن ابن عباس أنه كان إذا صلّى العتمة ورقد حرم عليه الطعام والشراب والجماع وروى الضحاك أنه كان يحرم ذلك عليهم من حين يصلون العتمة وعن معاذ أنه كان يحرم ذلك عليهم بعد النوم وكذلك ابن أبى ليلى عن أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم قالوا ثم إن رجلا من الأنصار لم يأكل ولم يشرب حتى نام فأصبح صائما فأجهده الصوم وجاء عمر وقد أصاب امرأته بعد ما نام فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) ونسخ به تحريم الأكل والشرب والجماع بعد النوم* والرفث للذكور هو الجماع لا خلاف بين أهل العلم فيه واسم الرفث يقع على الجماع وعلى الكلام الفاحش ويكنى به عن الجماع قال ابن عباس في قوله (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ) إنه مراجعة النساء بذكر الجماع. قال العجاج :
عن اللغا ورفث التكلم