بحاجته فيخرج من بيته وبلغنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أهل من الحديبية بالعمرة فدخل حجرته فدخل في أثره رجل من الأنصار من بنى سلمة فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم إنى أحمس قال الزهري وكانت الحمس لا يبالون ذلك فقال الأنصارى وأنا أحمس يقول وأنا على دينك فأنزل الله تعالى (لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) وروى ابن عباس والبراء وقتادة وعطاء أنه كان قوم من الجاهلية إذا أحرموا نقبوا في ظهور بيوتهم نقبا يدخلون منه ويخرجون فنهوا عن التدين بذلك وأمروا أن يأتوا البيوت من أبوابها وقيل فيه أنه مثل ضربه الله لهم بأن يأتوا البر من وجهه وهو الوجه الذي أمر الله تعالى به وليس يمتنع أن يكون مراد الله تعالى به جميع ذلك فيكون فيه بيان أن إتيان البيوت من ظهورها ليس بقربة إلى الله تعالى ولا هو مما شرعه ولا ندب إليه ويكون مع ذلك مثلا أرشد بابه إلى أن يأتى الأمور من مأتاها الذي أمر الله تعالى به وندب إليه وفيه بيان أن ما لم يشرعه قربة ولا ندب إليه لا يصير قربة ولا دينا بأن يتقرب به متقرب ويعتقده دينا* ونظيره من السنة ما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم من نهيه عن صمت يوم إلى الليل وأنه رأى رجلا في الشمس فقال ما شأنه فقيل إنه نذر أن يقوم في الشمس فأمره بأن يتحول إلى الفيء وأنه صلىاللهعليهوسلم نهى عن الوصال لأن الليل لا صوم فيه فنهى أن يعتقد صومه وترك الأكل فيه قربة وهذا كله أصل في أن من نذر ما ليس بقربة لم يلزمه بالنذر ولا يصير قربة بالإيجاب ويدل أيضا على أن ما ليس له أصل في الوجوب وإن كان قربة لا يصير واجبا بالنذر نحو عيادة المريض وإجابة الدعوة والمشي إلى المسجد والقعود فيه والله تعالى أعلم.
باب فرض الجهاد
قال الله تعالى (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) قال أبو بكر لم تختلف الأمة أن القتال كان محظورا قبل الهجرة بقوله (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) وقوله (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) وقوله (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقوله (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) وقوله (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) وروى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس أن عبد الرحمن ابن عوف وأصحابا له كانت أموالهم بمكة فقالوا يا رسول الله كنا في عزة ونحن مشركون