فلما آمنا صرنا أذلاء فقال صلىاللهعليهوسلم (إنى أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم) فلما حوله إلى المدينة أمروا بالقتال فكفوا فأنزل الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ) وحدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا عبد الله بن صالح عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله عز وجل (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) وقوله (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) وقوله (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) وقوله (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) قال نسخ هذا كله قوله تعالى (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقوله تعالى (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ـ إلى قوله ـ صاغِرُونَ) وقد اختلف السلف في أول آية نزلت في القتال فروى عن الربيع بن أنس وغيره أن قوله (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) أول آية نزلت وروى عن جماعة آخرين منهم أبو بكر الصديق والزهري وسعيد بن جبير أن أول آية نزلت في القتال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) الآية وجائز أن يكون (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أول آية نزلت في إباحة قتال من قاتلهم والثانية في الإذن في القتال عامة لمن قاتلهم ومن لم يقاتلهم من المشركين* وقد اختلف في معنى قوله (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) فقال الربيع بن أنس هي أول آية نزلت في القتال بالمدينة وكان النبي صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك يقاتل من قاتله من المشركين ويكف عمن كف عنه إلى أن أمر بقتال الجميع* قال أبو بكر وهو عنده بمنزلة قوله (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) وقال محمد بن جعفر بن الزبير أمر أبو بكر بقتال الشمامسة لأنهم يشهدون القتال وأن الرهبان من رأيهم أن لا يقاتلوا فأمر أبو بكر رضى الله عنه بأن لا يقاتلوا وقد قال الله تعالى (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) فكانت الآية على تأويله ثابتة الحكم ليس فيها نسخ وعلى قول الربيع بن أنس أن النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين كانوا مأمورين بعد نزول الآية بقتال من قاتل دون من كف سواء كان ممن يتدين بالقتال أو لا يتدين وروى عن عمر بن عبد العزيز في قوله (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) أنه في النساء والذرية ومن لم ينصب لك الحرب منهم كأنه ذهب إلى أن المراد به من لم يكن من أهل القتال في الأغلب لضعفه وعجزه لأن ذلك حال النساء والذرية وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم