في آثار شائعة النهى عن قتل النساء والولدان وروى عنه أيضا النهى عن قتل أصحاب الصوامع رواه داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم فإن كان معنى الآية على ما قال الربيع بن أنس أنه أمر فيها بقتال من قاتل والكف عمن لا يقاتل فإن قوله (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) ناسخ لمن يلي وحكم الآية كان باقيا فيمن لا يلينا منهم ثم لما نزل قوله (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ـ إلى قوله ـ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) فكان ذلك أعم من الأول الذي فيه الأمر بقتال من يلينا دون من لا يلينا إلا أن فيه ضربا من التخصيص بحظره القتال عند المسجد الحرام إلا على شرط أن يقاتلونا فيه بقوله (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) ثم نزل الله فرض قتال المشركين كافة بقوله (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) وقوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) وقوله تعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فمن الناس من يقول إن قوله (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) منسوخ بقوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ومنهم من يقول هذا الحكم ثابت لا يقاتل في الحرم إلا من قاتل ويؤيد ذلك ما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال يوم فتح مكة(إن مكة حرام حرمها الله يوم خلق السموات والأرض فإن ترخص مترخص بقتال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها فإنما أحلت له ساعة من نهار ثم عادت حراما إلى يوم القيامة) فدل ذلك على أن حكم الآية باق غير منسوخ وأنه لا يحل أن نبتدئ فيها بالقتال لمن لم يقاتل وقد كان القتال محظورا في الشهر الحرام بقوله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ) ثم نسخ بقوله (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ومن الناس من يقول هو غير منسوخ والحظر باق وأما قوله (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) فإنه أمر بقتل المشركين إذا ظفرنا بهم وهي عامة في قتال سائر المشركين من قاتلنا منهم ومن لم يقاتلنا بعد أن يكونوا من أهل القتال لأنه لا خلاف أن قتل النساء والذراري محظورا وقد نهى عنه النبي صلىاللهعليهوسلم وعن قتل أهل الصوامع فإن كان المراد بقوله (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) الأمر بقتال من قاتلنا ممن هو أهل القتال دون من كف عنا منهم وكان قوله (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) نهى عن قتال من لم يقاتلنا فهي لا محالة