أفطر) ولا خلاف في أنه إذا غابت الشمس فقد انقضى وقت الصوم وجاز للصائم الأكل والشرب والجماع وسائر ما حظره عليه الصوم وقوله صلىاللهعليهوسلم (إذا غابت الشمس فقد أفطر الصائم) يوجب أن يكون مفطرا بغروب الشمس أكل أو لم يأكل لأن الصوم لا يكون بالليل ولذلك نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الوصال لأنه يترك الطعام والشراب وهو مفطر والوصال أن يمكث يومين أو ثلاثة لا يأكل شيئا ولا يشرب فإن أكل أو شرب في أى وقت كان شيئا قليلا فقد خرج من الوصال وقد روى ابن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبى سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه نهى عن الوصال قالوا يا رسول الله إنك تواصل فقال (إنكم لستم كهيئتى إنى أبيت لي مطعم يطعمنى وساق يسقيني فأيكم واصل فمن السحر إلى السحر) فأخبر أنه إذا أكل أو شرب سحرا فهو غير مواصل وأخبر صلىاللهعليهوسلم أنه لا يواصل لأن الله يطعمه ويسقيه وفي حديث أبى هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم حين قيل له إنك تواصل فقال (إنى أبيت يطعمنى ربي ويسقيني) ومن الناس من يقول إن النبي صلىاللهعليهوسلم كان مخصوصا بإباحة الوصال دون أمته وقد أخبر صلىاللهعليهوسلم أن الله يطعمه ويسقيه ومن كان كذلك فلم يواصل والله أعلم بالصواب.
باب الاعتكاف
قال الله تعالى (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) ومعنى الاعتكاف في أصل اللغة هو اللبث قال الله (ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) وقال تعالى (فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) وقال الطرماح :
فباتت بنات الليل حولي عكفا |
|
عكوف البواكي بينهن صريع |
ثم نقل في الشرع إلى معان أخر مع اللبث لم يكن الاسم يتناولها في اللغة منها الكون في المسجد ومنها الصوم ومنها ترك الجماع رأسا ونية التقرب إلى الله عز وجل ولا يكون معتكفا إلا بوجود هذه المعاني وهو نظير ما قلنا في الصوم أنه اسم للإمساك في اللغة ثم زيد فيه معان أخر لا يكون الإمساك صوما شرعيا إلا بوجودها وأما شرط اللبث في المسجد فإنه للرجال خاصة دون النساء وأما شرط كونه في المسجد في الاعتكاف فالأصل فيه قوله عز وجل (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) فجعل من شرط الاعتكاف الكون في المسجد وقد اختلف السلف في المسجد الذي يجوز الاعتكاف فيه