لأن من قتل وليه يكون معتدى وذلك عموم في سائر القتلى* وكذلك قوله (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) يقتضى عمومه وجوب القصاص في الحر والعبد والذكر والأنثى والمسلم والذمي* مسألة في قتل الحر بالعبد* قال أبو بكر وقد اختلف الفقهاء في* القصاص بين الأحرار والعبيد* فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر رضى الله* عنهم لا قصاص بين الأحرار والعبيد إلا في الأنفس ويقتل الحر بالعبد والعبد بالحر* وقال ابن أبى ليلى القصاص واجب بينهم في جميع الجراحات التي نستطيع فيها القصاص* وقال ابن وهب عن مالك ليس بين الحر والعبد قود في شيء من الجراح والعبد يقتل بالحر ولا يقتل الحر بالعبد وقال الليث بن سعد إذا كان العبد هو الجاني اقتص منه ولا يقتص من الحر للعبد وقال إذا قتل العبد الحر فلولى المقتول أن يأخذ بها نفس العبد القاتل فيكون له وإذا جنى على الحر فيما دون النفس فللمجروح القصاص إن شاء* وقال الشافعى من جرى عليه القصاص في النفس جرى عليه في الجراح ولا يقتل الحر بالعبد ولا يقتص له منه فيما دون النفس* وجه دلالة الآية في وجوب القصاص بين الأحرار والعبيد في النفس أن الآية مقصورة الحكم على ذكر القتلى وليس فيها ذكر لما دون النفس من الجراح وسائر ما ذكرنا من عموم آي القرآن في بيان القتلى والعقوبة والاعتداء يقتضى قتل الحر بالعبد ومن حيث اتفق الجميع على قتل العبد بالحر وجب قتل الحر بالعبد لأن العبد قد ثبت أنه مراد الآية والآية لم يفرق مقتضاها بين العبد المقتول والقاتل فهي عموم فيها جميعا* ويدل أيضا على ذلك قوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) فأخبر أنه أوجب القصاص لأن فيه حياة لنا وذلك خطاب شامل للحر والعبد لأن صفة أولى الألباب تشملهم جميعا فإذا كانت العلة موجودة في الجميع لم يجز الاقتصار بحكمها على بعض من هي موجودة فيه دون غيره* ويدل عليه من جهة السنة قول النبي صلىاللهعليهوسلم (المسلمون* تتكافأ دماؤهم) وهو عام في العبيد والأحرار فلا يخص منه شيء إلا بدلالة* ويدل عليه من وجه آخر وهو اتفاق الجميع على أن العبد إذا كان هو القاتل فهو مراد به كذلك إذا كان مقتولا لأنه لم يفرق بينه إذا كان قاتلا أو مقتولا* فإن قيل لما قال في سياق الحديث* ويسعى بذمتهم أدناهم وهو العبد يدل على أنه لم يرده بأول الخطاب* قيل له هذا غلط من قبل أنه لا خلاف أن العبد إذا كان قاتلا فهو مراد ولم يمنع قوله ويسعى بذمتهم أدناهم