غيرها لأن هذا إجماع فقلت وكذلك من وجب عليه رقبة بالإجماع أن له أن يعتق غيرها فقال عمن تحكى هذا الإجماع فقلت له وعمن تحكى أنت الإجماع الأول فقال الإجماع لا يحكى فقلت والإجماع الثاني أيضا لا يحكى وانقطع قال أبو بكر وجميع ما قاله داود من تعيين فرض القضاء باليوم الثاني من شوال وأن من وجب عليه رقبة فوجدها أنه لا يتعداها إلى غيرها خلاف إجماع المسلمين كلهم وما ادعاه على أهل العلم بأنهم يجعلونه مفرطا إذا مات وقد أخره عن اليوم الثاني فليس كما ادعى فإن من جعل له التأخير إلى آخر السنة لا يجعله مفرطا بالموت لأن السنة كلها إلى أن يجيء رمضان ثان وقت القضاء موسع له في التأخير كوقت الصلاة أنه لما كان موسعا عليه في التأخير من أوله إلى آخره لم يكن مفرطا بتأخيره إن مات قبل مضى الوقت فكذلك يقولون في قضاء رمضان فإن قيل لو لم يكن مفرطا لما لزمته الفدية إذا مات قبل مضى السنة ولم يقضه* قيل له ليس لزوم الفدية علما للتفريط لأن الشيخ الكبير يلزمه الفدية مع عدم التفريط وقول داود الإجماع لا يحكى خطأ فإن الإجماع يحكى كما تحكى النصوص وكما يحكى الإختلاف فإن أراد بذلك أن كل واحد من المجمعين لا يحتاج إلى حكاية أقاويلهم بعد أن ينشر القول عن جماعة منهم وهم حضور يسمعون ولا يخالفون فإن ذلك على ما قال ومع ذلك لا يجوز إطلاق القول بأن الإجماع لا يحكى لأن من الإجماع ما يحكى فيه أقاويل جماعتهم فيكون ما يحكيه من إجماعهم حكاية صحيحة ومنه ما يحكى أقاويل جماعة منهم منتشرة مستفيضة مع سماع الآخرين لها وترك إظهار المخالفة فهذا أيضا إجماع يحكى إذ كان ترك الآخرين إظهار النكير والمخالفة قائما مقام الموافقة فهذان الضربان من إجماع الخاصة والفقهاء يحكيان جميعا وإجماع آخر وهو ما تشترك فيه الخاصة والعامة كإجماعهم على تحريم الزنا والربا ووجوب الاغتسال من الجنابة والصلوات الخمس ونحوها فهذه أمور قد علم اتفاق المسلمين عليها وإن لم يحك عن كل واحد منهم بعينه اعتقاده والتدين به فإن عنى هذا الضرب من الإجماع فقد يسوغ أن يقال أن مثله لا يحكى وقد يسوغ أن يقال إن هذا الضرب أيضا يحكى لعلمنا بإجماع أهل الصلاة على اعتقاده والتدين به فجائز أن يحكى عنهم اعتقادهم لذلك والتدين به وأنهم مجمعون عليه كما إذا ظهر لنا إسلام رجل وإظهار اعتقاده الإيمان أن يحكى عنه أنه مسلم وقال الله تعالى (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) وبالله التوفيق.