وأنشدنا أبو علي لعنترة :
ينباغ من ذفرى غضوب جسرة |
|
زيّافة مثل الفنيق المكدم (١) |
وقال : أراد ينبع ، فأشبع فتحة الباء.
فإن سأل سائل فقال : إذا كان ينباع إنما هو إشباع ينبع فما تقول في ينباع هذه اللفظة إذا سميت بها رجلا؟ أتصرفه معرفة أم لا؟
فالجواب : أن سبيله أن لا يصرف معرفة ، وذلك أنه وإن كان أصله ينبع ، فنقل إلى ينباع ، فإنه بعد النقل قد أشبه مثالا آخر من الفعل ، وهو ينفعل ، نحو ينقاد ، وينحاز ، فكما أنك لو سميت رجلا بـ «ينقاد» و «ينحاز» لما صرفته معرفة ، فكذلك ينباع وإن كان قد فقد لفظ ينبع ، وهو يفعل ، فقد صار إلى ينباع الذي هو بوزن ينحاز.
__________________
(١) البيت ينسب إلى عنترة العبسي وهو في ديوانه ومن معلقته. وعنترة هو : أبو المغلّس عنترة بن شداد العبسي ، وأمه زبيبة وهي أمة حبشية ، وقد استعبده أبوه على عادة العرب في استعباد أبناء الإماء إلى أن فرض نفسه بقوته وبسالته وشجاعته على والده حتى اعترف بنسبه ، وكان عنترة بطلا شجاعا كبير النفس رقيق القلب رحب الصدر عفيفا ، هاجت شاعريته وازدادت واتسع خياله ، واشتهر شعره ولا سيما معلقته هذه التي منها هذا البيت وقد سميت معلقته هذه بالذهبية. ينباغ : أصلها ينبع. اللسان (٨ / ٤٥٣). الذفري : ما خلف الأذن. القاموس (٢ / ٣٥) الجسرة : قال الفيروز أبادي : ناقة جسرة ومتجاسرة ماضية. القاموس (١ / ٣٩٠) مادة / جسر. زيافة : فعل زاف أي أسرع في تبختر وخيلاء. القاموس (٣ / ١٥٠) مادة / زاف. الفنيق : الفحل المقدم لا يركب لكرامته على أهله. القاموس (٣ / ٢٧٧) مادة / فنيق. المكدم : الفحل إذا كان قويا قد نيّب فيه. اللسان (١٢ / ٥١٠). ويقول عنترة : ينبع هذا العرق من خلف أذن ناقة غضوب موثقة الخلق ، شديدة التبختر في سيرها مثل فحل من الإبل قد كدمته الفحول ، وقد شبهها بالفحل في تبخترها ووثاقة خلقها. الشاهد في البيت : إشباع فتحة ينبع فأصبحت ينباع ، وقد أشبع الفتحة لإقامة الوزن فتولد عن إشباعها ألف. إعراب الشاهد : ينباغ : فعل مضارع مرفوع.