و «غبيت» قول أبي عثمان إنهم لم يشتقوا من «الحيوان» فعلا ؛ أي : لم يستعملوا منه فعلا عينه ياء ولامه واو والعلة في قلب «الحيوات» هي العلة في قلب «الحيوان».
ومما قلبت ياؤه واوا للتصرف وتعويض الواو من كثرة دخول الياء عليها ، وللفرق أيضا بين الاسم والصفة قولهم : «الشّروى» (١) و «الفتوى» و «البقوى» (٢) و «الرّعوى» (٣) و «الثّنوى» (٤) و «التّقوى» قال (٥) :
فما بقوى عليّ تركتماني |
|
ولكن خفتما صرد النّبال (٦) |
ويرويه «بقيا».
وقال الآخر (٧) :
أذكّر بالبقوى على من أصابني |
|
وبقواي أني جاهد غير مؤتل |
وأصل هذا كله «شريا» و «فتيا» و «بقيا» و «رعيا» و «ثنيا» و «وقيا» لأن «الشّروى» من «شريت» و «الفتوى» من معنى «الفتى» و «البقوى» من «بقيت الشيء» إذا انتظرته ، و «الرّعوى» من «رعيت» و «الثّنوى» من «ثنيت» و «التقوى» من «وقيت». وقد تقصيت الأدلة على صحة هذه الدعاوى في كتابي (٨) في شرح تصريف أبي عثمان. فإن كانت «فعلى» صفة لم تغير الياء منها إذا وقعت لاما ، وذلك نحو «صديا» و «ريّا» و «خزيا» وقد ذكرت هذا في صدر هذا الكتاب في باب الهمزة.
__________________
(١) شروى الشيء : مثله. القاموس المحيط (٤ / ٣٤٨).
(٢) البقوى : الإبقاء. القاموس المحيط (٤ / ٣٠٤).
(٣) الرعوى : للأمر حفظه. القاموس المحيط (٤ / ٣٣٥).
(٤) الثنوى : الاسم من الاستثناء. القاموس المحيط (٤ / ٣٠٩).
(٥) البيت للعين المنقري كما في طبقات فحول الشعراء (ص ٤٠٣) ، واللسان (صرد) (٤ / ٣٦).
(٦) صرد النبال : إخطاؤها أو إصابتها. لسان العرب (٣ / ٢٤٩). لم تتركاني لأنكما تبقيان عليّ ولكن خفتما من إصابة نبالي لكما. إعراب الشاهد : بقوي : حال منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدرة.
(٧) الشاعر هو أبو القمقام الأسدي كما ذكر اللسان (بقي) (١٨ / ٨٦).
(٨) المنصف (١٥٧ ـ ١٥٨).