وعارضتها رهوا على متتابع |
|
شديد القصيرى خارجيّ محنّب (١) |
فسّروه أنه الفرس الفائق في جنسه.
فإن قلت : فإذا كان جمعهم المؤنث بالواو والنون إنما هو تعويض منهم لما حذف منه ، فما بالهم قالوا في «أرض» : «أرضون» ولم يحذف من «أرض» شيء ، فيعوّضوها منه الجمع بالواو والنون؟
فالجواب عن ذلك : أن «أرضا» اسم مؤنث ، وقد كان من القياس في كل اسم مؤنث أن يقع فيه الفرق بينه وبين المذكر بالتاء نحو «قائم وقائمة» و «ظريف وظريفة» و «رجل ورجلة» و «ثور وثورة» و «كوكب وكوكبة» و «بياض وبياضة» و «دم ودمة» و «ريح وريحة» و «ماء وماءة» وغير ذلك مما يطول ذكره ، فأما ما تركت فيه العلامة من المؤنث فإنما ذلك اختصار لحقه لاعتمادهم في الدلالة على تأنيثه على ما يليه من الكلام قبله وبعده ، نحو «هذه ريح طيّبة» و «كانت لهم عرس مباركة» و «لم أر قوسا أحسن من هذه القوس» ونحو ذلك.
فإذا كان القياس في المؤنث والمذكر الفرق بينهما كما يفرّق بين التصغير والتكبير ، والواحد والاثنين والجماعة ، وكانت «أرض» مؤنثة ، فكأنّ فيها هاء مرادة ، وكأن تقديرها «أرضة» فلما حذفت الهاء التي كان القياس يوجبها عوّضوا منها الجمع بالواو والنون ، فقالوا : «أرضون» ، وفتحوا الراء في الجمع ليدخل الكلمة ضرب من التكسير استيحاشا من أن يوفّوه لفظ التصحيح البتة ، وليعلموا أيضا أن «أرضا» مما كان سبيله لو جمع بالتاء أن تفتح راؤه ، فيقال : «أرضات».
فإن قلت : فأقصى أحوال «أرض» على ما توصلت إليه أن تكون الهاء قد حذفت منها والهاء فيها بعد زائدة ، وأنت إنما تعوّض من المحذوف إذا كان أصلا لاما أو فاء ، فكيف جاز التعويض من الزائد؟
__________________
(١) رهوا : عدوا سهلا. لسان العرب (١٤ / ٣٤٣). متتابع : شديد الخلق مشتبهه. القصيري : ضلع الخلف. لسان العرب (٥ / ١٠٣) مادة / قصر. محنب : في الخيل بعد ما بين الرجلين ، وقيل هو اعوجاج في الساقين. اللسان (١ / ٣٣٥). والشاهد قول الشاعر «خارجي» وهو نعت تنعت به العرب كل من فاق جنسه. إعراب الشاهد : خارجي : نعت مجرور وعلامة الجر الكسرة.