ويؤكد هذا عندك قوله عز اسمه : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) (الرعد : ٣١) (١) ولم يقل : لكان هذا القرآن.
وكذلك قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) (الأنعام : ٢٧) ولم يقل : لرأيت سوء منقلبهم.
وعلى هذا قول امرئ القيس (٢) :
فلو أنها نفس تموت جميعة |
|
ولكنها نفس تساقط أنفسا (٣) |
ولم يقل : لفنيت ، ولا لاستراحت.
وكذلك قول جرير (٤) :
كذب العواذل لو رأين مناخنا |
|
بحزيز رامة والمطيّ سوامي (٥) |
ولم يقل : لرأين ما يشجيهنّ ويسخن أعينهنّ.
__________________
(١) قطعت به الأرض : عبرت واجتيزت. اللسان (٨ / ٢٧٨) مادة / قطع.
(٢) ديوانه (ص ١٠٧) يعني أنه مريض ، فنفسه لا تخرج مرة ولكنها تموت شيئا بعد شيء.
(٣) جميعة : إنما أراد جميعا فبالغ بإلحاق الهاء وحذف الجواب للعلم به كأنه قال لفنيت واسترحت. لسان العرب (٨ / ٥٤) مادة / جمع. تساقط أنفسا : صور النفس في ذهابها شيئا فشيئا بقطرات الماء المتساقطة. يقول الشاعر : إنني مريض ومع ذلك فإنني لم أسترح بالموت ولكني من شدة آلام نفسي أشعر وكأني أموت في كل لحظة. والبيت شاهد على حذف الجواب ، والأصل لو أن نفسي تموت جميعا لاسترحت.
(٤) ديوانه (ص ٩٩١).
(٥) العواذل : اللائمات والمفرد عاذلة. الحزيز : موضع كثرت حجارته وغلظت كأنها السكاكين. اللسان (٥ / ٣٣٥) مادة / حزز. سوام : رافعة أبصارها وأعناقها. يقول : كذبت اللائمات في لومهن فلو أنهن شاهدن ما بنا وقت الرحيل لاغرورقت أعينهن بالمدامع. والشاهد فيه حذف الجواب كما في المتن.