أوله كسرة أو ضمة أو فتحة ثبتت على كل حال ، وذلك قولك : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) (الفاتحة : ٥) (١) وضربت القوم إلا إيّاك ، فالهمزة ثابتة مكسورة في الوصل والوقف ، ألا ترى أنهم قالوا في مثل «إجردّ» (٢) من «أويت» : «أيّ». وأصله «إئوي» فقلبت الهمزة الثانية لاجتماع الهمزتين ياء ، فصارت «إيوي» وقلبت الواو ياء لوقوع الياء الساكنة المبدلة من الهمزة قبلها ، فصارت «إييي» فأدغمت الأولى في الثانية ، فصارت «إيّي» ، فلما اجتمعت ثلاث ياءات على هذه الصفة حذفت الآخرة تخفيفا ، كما حذفت من تصغير أحوى في قولك «أحيّ».
وكذلك قالوا في مثل «إوزّة» من «أويت» : «إيّاة» وأصلها «إئوية» فقلبت الهمزة الثانية ياء ، وأبدلت لها الواو بعدها ياء ، وأدغمت الأولى في الثانية ، وقلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصارت «إيّاه». فهذا حكم الأسماء لأنها غير منتقلة ، والأفعال لا تثبت على طريق واحدة ، فليس التغيير فيها بثابت.
وأما كونه «فعيلا» من «أويت» بوزن «طريم» (٣) و «غريل» (٤) و «حذيم» (٥) فأصله على هذا «إويي» تفصل ياء «فعيل» بين الواو والياء كما فصلت في المثال بين العين واللام ، فلما سكنت الواو وانكسر ما قبلها قلبت ياء ، وأدغمت في ياء «فعيل» فصارت «إيّي» ثم قلبت الياء الأخيرة التي هي لام ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصارت «إيّا».
وأما كونه «فعلى» فأصله «إويا» فقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، ولوقوع الياء بعدها أيضا ، ثم أدغمت في الياء بعدها ، فصارت «إيّا».
فإن سميت به رجلا وهو «إفعل» لم ينصرف معرفة ، وانصرف نكرة ، وحاله فيه حال إشفى (٦). وإن سميت به رجلا وهو «فعيل» فالوجه أن تجعل ألفه للتأنيث
__________________
(١) (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) الشاهد فيه «إياك» حيث تثبت الهمزة في الاسم على كل حال سواء كانت في أوله كسرة أو فتحة أو ضمة.
(٢) إجرد : نبت يدل على الكمأة. لسان العرب (٣ / ١١٩) مادة / جرد.
(٣) الطريم : العسل إذا امتلأت البيوت خاصة ، والسحاب الكثيف. اللسان (١٢ / ٣٦١).
(٤) الغريل : ما يبقى من الماء في الحوض ، والغدير الذي تبقى فيه الدعاميص لا يقدر على شربه.
(٥) الحذيم : القاطع.
(٦) إشفي : المثقب. اللسان (١٤ / ٤٣٨).