بمنزلة ألف «ذكرى» و «ذفرى» (١) وإذا كان ذلك كذلك لم ينصرف معرفة ولا نكرة. وإن ذهبت إلى أن ألفه للإلحاق بهجرع (٢) ، وأجريتها مجرى ألف «معزى» لم تصرفه معرفة ، وصرفته نكرة ، وجرى حينئذ مجرى «أرطى» (٣) و «حبنطى» (٤) و «دلنظى» (٥) و «سرندى» (٦).
وأما إذا جعلت «إيّا» من لفظ «الآية» فإنه يحتمل أن يكون على واحد من خمسة أمثلة ، وهي : «إفعل» و «فعّل» و «فعيل» و «فعول» و «فعلى» وذلك أن عين «الآية» من الياء لقول الشاعر (٧) :
لم يبق هذا الدهر من آيائه |
|
غير أثافيه وأرمدائه (٨) |
فظهور الياء عينا في «آيائه» يدل على ما ذكرناه من كون العين ياء ، وذلك أن وزن «آياء» : «أفعال» ولو كانت العين واوا لقال «من آوائه» إذ لا مانع من ظهور الواو في هذا الموضع ، فإذا ثبت بهذا وبغيره مما يطول ذكره كون العين من «آية» ياء ، ثم جعلت «إيّا» : «إفعلا» فأصله «إئيي» فقلبت الهمزة الثانية التي هي فاء ياء لاجتماع الهمزتين وانكسار الأولى منهما ، ثم ادّغمتها في الياء التي هي عين بعدها ، فصارت «إيّي» ثم قلبت الياء التي هي لام في «آية» و «آي» ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصارت «إيّا».
ولم يسغ الاعتراض الذي وقع قديما في إدغام الياء المبدلة من الهمزة التي هي فاء في «إفعل» من «أويت» قبلها إذ صار لفظها إلى «إيوا» والانتصار لذاك هناك ،
__________________
(١) ذفري : العظم الشاخص خلف الأذن. لسان العرب (٤ / ٣٠٧) مادة / ذفر.
(٢) هجرع : الأحمق من الرجال. اللسان (٨ / ٣٦٨).
(٣) أرطى : شجر ينبت بالرمل.
(٤) حبنطى : الممتلئ غضبا أو بطنه.
(٥) دلنظى : السمين في كل شيء.
(٦) سرندي : الجريء ، وقيل : الشديد. اللسان (٣ / ٢١٢).
(٧) هو أبو النجم العجلي ، والبيتان في ديوانه (ص ٥٤ ـ ٥٥) وذكره صاحب اللسان دون أن ينسبه مادة (ثرا) (١٤ / ١١١).
(٨) الآياء : جمع آية ، وهو جمع الجمع وهو نادر ، وهي العلامة. الدهر : الزمن. أثافيه : أحجار توضع تحت القدر عند الطهي. اللسان (٩ / ٣) مادة / أثف. أرمدائه : واحد الرماد. يعني أن الدهر لم يترك من علامته إلا الرماد. الشاهد فيه (آيائه) حيث إن ثبت أن عين الكلمة (ياء).