قد زالت من قبلها ، وأجرى غير اللازم مجرى اللازم وقد كان سبيله إذا أجراها مجرى الياء اللازمة أن يقول «ديّان» إلا أنه كره تضعيف الياء كما كره الأول تكرير الواو.
قال الشاعر (١) :
عداني أن أزورك أمّ عمرو |
|
دياوين تشقّق بالمداد (٢) |
واعلم أن الواو متى وقعت قبلها الياء ساكنة قلبت الواو ياء وكذلك إن وقعت الواو ساكنة قبل الياء ، فالأول نحو «سيّد» و «ميّت» والثاني نحو «ليّة» و «طيّة».
وقد ذكرنا هذا كله مستقصى في حرف الواو ، وذكرنا هناك «ضيون» و «رجاء بن حيوة».
فأما قولهم في «فعل» من «فاعلت» و «فيعلت» و «فوعلت» من «سرت» و «بعت» : «سوير» و «بويع» فلم تقلب فيه الواو ياء لأن الواو ليست بلازمة في «فاعلت» ، وأجروا «فيعلت» و «فوعلت» مجرى «فاعلت» ، ولو أدغموا فقالوا «بيّع» و «سيّر» التبس أيضا بـ «فعّل».
وقد أبدلت الياء من الواو إذا كانت لام «فعلى» وذلك نحو «العليا» و «الدنيا» و «القصيا» ، وقالوا «القصوى» فأخرجوها على أصلها ، فأما «حزوى» (٣) فعلم ، ولا ينكر في الأعلام كثير من التغيير نحو «حيوة» و «مزيد» و «محبب» ، وقد ذكرنا هذا قديما في هذا الكتاب. ونظير القصوى في الشذوذ قولهم : خذ الحلوى وأعطه المرّى.
واعلم أنهم قد أبدلوا الياء من الواو إذا وقعت الكسرة قبل الواو وإن تراخت عنها بحرف ساكن ، لأن الساكن لضعفه ليس حاجزا حصينا ، فلم يعتدّ فاصلا ، فصارت الكسرة كأنها قد باشرت الواو ، ولا يقاس ذلك ، وذلك قولهم «صبية» و «صبيان»
__________________
(١) انظر / الخصائص ، والمنصف (٢ / ٣٢).
(٢) ذكره صاحب اللسان دون أن ينسبه. مادة (دون) (١٣ / ١٦٦) ولكن بدل (تشقق) ، (تنفق) والشاعر يعتذر عن عدم زيارة أم عمرو لما يشغله من كتابة الدواوين. الشاهد فيه (دياوين) حيث قلبت الواو ياء وأصله (دواوين).
(٣) حزوى : اسم مكان. لسان العرب (١٤ / ١٧٦) مادة / حزا.