ومتى اجتمعت همزتان وانكسرت الأولى منهما قلبت الثانية ياء البتة ، وكان البدل لازما ، وذلك قولك : إيمان ، وإيلاف (١) ، وإيناس ، وأصله : إئمان ، وإئلاف ، وإئناس ، فقلبت الثانية ياء البتة لانكسار ما قبلها ، ولم يجز التحقيق لاجتماع الهمزتين ، فقس على هذا.
وقد أبدلوا الهمزة ياء لغير علة إلا طلبا للتخفيف ، وذلك قولهم في «قرأت» : «قريت» وفي «بدأت» : «بديت» وفي «توضّأت» : «توضيّت».
وعلى هذا قال زهير (٢) :
جريء متى يظلم يعاقب بظلمه |
|
سريعا ، وإلّا يبد بالظّلم يظلم (٣) |
أراد يبدأ ، فأبدل الهمزة ، وأخرج الكلمة إلى ذوات الياء.
ومن أبيات الكتاب (٤) :
وكنت أذلّ من وتد بقاع |
|
يشجّج رأسه بالفهر واجي (٥) |
يريد : واجئ ، فأبدل الهمزة ياء ، وأجراها مجرى الياء الأصلية. والدليل على ذلك أنه جعلها وصلا لحركة الجيم ؛ ألا ترى أن البيت جيميّ ، ولو كانت الهمزة منوية عنده لم يجز أن تكون الياء وصلا كما لا يجوز أن تكون الهمزة المرادة المنوية وصلا.
__________________
(١) وإيلاف : من يؤلفون أي يهيئون ويجهزون. اللسان (٩ / ١٠) مادة / ألف.
(٢) البيت من معلقة زهير. انظر ديوانه (ص ٢٤).
(٣) جريء : مقدم من قوم أجرئاء بهمزتين عن اللحياني. اللسان (١ / ٤٤) مادة / جرأ. يقول : وهو شجاع متى ظلم عاقب الظالم بظلمه سريعا وإن لم يظلمه أحد ظلم الناس إظهارا لحسن بلائه ، والبيت من صفة أسد في البيت الذي قبله وعني به حصينا ثم أضرب عن قصته ، ورجع إلى تقبيح صورة الحرب والحث على الصلح. والشاهد فيه «يبد» فأصلها «يبدأ» حيث قلبت الهمزة ياء للتخفيف. وحذفت بجزم مقدر ، وتقديره (وإلا إن يبد بالظلم يظلم).
(٤) البيت لعبد الرحمن بن ثابت من قصيدة هجاء. انظر / الكتاب (٢ / ١٧٠).
(٥) الفهر : حجر ناعم صلب يسحق به الصيدلي الأدوية. الواجي : دق عنقه. اللسان (١ / ١٩٠) مادة / وجأ. والشاهد فيه (واجي) حيث أبدل الهمزة ياء وأصلها (واجئ) وأجراها مجرى الياء الأصلية.