وأما المعنى فلأن الإضافة تكسب التعريف والتخصيص ، والصفة مشابهة للفعل ، والفعل لا يكون إلا نكرة ، فأما الذي فتعرّفه بالصلة دون اللام على ما قدمنا.
فإن قلت : فإذا كانت الصفة مشابهة للفعل ، والفعل لا يكون معرفة أبدا ، فما بالك تقول : مررت بزيد أخي عمرو ؛ فتصف بأخي عمرو وهو مضاف إضافة محضة إلى اسم علم؟
فالجواب : أن قولنا : مررت بزيد أخي عمرو ، ونظرت إلى هند بنت محمد ، ونحوه ليست بصفات محضة ، وإنما هي في الحقيقة عطف بيان ، ولكن النحويين أطلقوا عليها الوصف لأنها تفيد ما تفيد الأوصاف ، ألا ترى أن معنى مررت بزيد أخي عمرو كمعنى مررت بزيد المعروف بأخوّة عمرو ، وكذلك مررت بهند بنت محمد ، إنما معناه مررت بهند المشهورة ، ببنوّة محمد ، فلما كان المعنى معنى الصفات جاز أن يطلق عليها أنها صفات اتساعا لا حقيقة ، وكيف يكون ذلك وقد أجمعوا أنه لا تكون الصفة معرفة إلا باللام.
ونظير هذا الإطلاق في الوصف في هذا الموضع قولهم في مررت بهذا الرجل : إن الرجل صفة لهذا ، وليس في الحقيقة بصفة ، لأن الصفة لا بد من أن تكون مأخوذة من فعل أو راجعة إلى معنى الفعل ، وليس الرجل ونحوه مما بينه وبين الفعل نسبة ، ولكنه لما كان «هذا» و «الرجل» في هذا الموضع كالشيء الواحد ، والثاني منهما يفيد الأول بيانا وإيضاحا ، أشبه ذلك حال الصفة الصريحة نحو مررت بزيد الكريم ، ونظرت إلى محمد العاقل ، فجاز لهم أن يسمّوا الرجل ونحوه وصفا مجازا لا حقيقة ، فلأجل ما شرحناه من حال أيّ ما عدلوا عنها لتضمّنها معنى الإضافة إلى الذي لأنه ليس فيه معنى إضافة ، ولا ما ينافي الصفة لفظا ولا معنى.
وكذلك اللاتي واللائي لأنهما بوزن القاضي والداعي ، واللاء بوزن قولهم : رجل مال ونال ، ويوم راح (١) ، وكبش صاف ، والألى بوزن الحطم (٢) ، واللّبد (٣) ،
__________________
(١) يوم راح : أي يوم شديد الريح. القاموس المحيط (١ / ٢٢٤).
(٢) الحطم : رجل حطم : أي عسوف عنيف. مادة (ح ط م). لسان العرب (١٢ / ١٣٩).
(٣) اللبد : الرجل الذي يقيم بالمكان ويلزق به. مادة (ل ب د) ، وهو كناية عن تقاعسه عن طلب الرزق أو السعي. لسان العرب (٣ / ٣٨٥).