وأخبرنا أبو علي (١) أن أبا العباس أحمد بن يحيى حكى عنهم : لا وربيك لا أفعل ، أراد : لا وربّك لا أفعل ، فأبدل الباء الثانية ياء لأجل التضعيف.
وقال بعضهم (٢) في لبّيت بالحج : إنما هو لبّيت : فعّلت من قولهم : ألبّ بالمكان أي أقام به ، قرأت (٣) على أبي علي للمضرّب بن كعب :
فقلت لها : فيئي إليك فإنني |
|
حرام ، وإني بعد ذاك لبيب (٤) |
أي : ملبّ بالحج (٥).
قال ابن السكيت : «وقوله : بعد ذاك ، أي : مع ذاك» (٦).
فأما حقيقة «لبّيت» عند أهل الصنعة فليس أصل يائه باء وإنما الياء في «لبّيت» هي الياء في قولهم «لبّيك وسعديك» اشتقوا من الصوت فعلا ، فجمعوه من حروفه ، كما قالوا من «سبحان الله» : «سبحلت» ، ومن «لا إله إلا الله» : «هلّلت» ، ومن «لا حول ولا قوة إلا بالله» : «حولقت» ومن «بسم الله» : «بسملت» ، ومن «هلمّ» ـ وهو مركب من «ها» و «لمّ» عندنا (٧) ، ومن «هل» و «أمّ» عند البغداذيين (٨) ـ «هلممت» (٩).
وكتب إليّ أبو علي في شيء سألته عنه ، قال : قال بعضهم : سألتك حاجة فلا ليت لي ، أي : قلت لي : لا ، وسألتك حاجة فلوليت لي ، أي : قلت لي : لولا.
قال : وقالوا : بأبأ الصبيّ أباه ، أي : قال له : بابا.
__________________
(١) حكى ذلك في المسائل العسكريات (ص ٢٧).
(٢) بعضهم : هو الخليل كما في اللسان (لبب) (٢ / ٢٢٧).
(٣) قرأه في كتاب الإبدال لابن السكيت (ص ١٣٣).
(٤) البيت ذكره صاحب الجمهرة (٢ / ١٤٢) ، وكذا في الإبدال لابن السكيت (ص ١٣٣). والشاهد في قوله (بعد ذلك) أي (مع ذلك).
(٥) ملب بالحج : قال أبو عبيدة : «ورجل ملب» وإنما هو من ألببت ، أي : قد أقمت بالمكان.
(٦) كتاب الإبدال (ص ١٣٣).
(٧) يعني البصريين. الكتاب (٢ / ١٥٨).
(٨) هم الكوفيون كما في شرح الكافية الشافية (ص ١٣٩١) وممن قال به منهم الفراء.
(٩) هلممت : هلممت بالرجل : قلت له هلم.