وحكي لنا عن الأصمعي أو أبي زيد (١) أنهم يقولون : «رجل ويلمّة» للداهية ، فاشتقوا وصفا من قولهم «ويلمّه» وأصله «ويل لأمّه» وهذا كثير.
وكذلك أيضا اشتقوا «لبّيت» من لفظ «لبّيك» فجاءوا في «لبّيت» بالياء التي هي للتثنية في «لبّيك» ، وهذا على قول سيبويه (٢) ، فأما يونس (٣) فزعم أن «لبّيك» اسم مفرد ، وأصله عنده «لبّب» ووزنه «فعلل» ولا يجوز أن تحمله على «فعّل» لقلة «فعّل» في الكلام وكثرة «فعلل» فقلبت الباء التي هي اللام الثانية من «لبّب» ياء هربا من التضعيف ، فصار «لبّي» ثم أبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصارت «لبّى» ثم إنها لما وصلت بالكاف في «لبّيك» وبالهاء في «لبّيه» نحو ما أنشدناه أبو علي (٤) :
إنك لو دعوتني ودوني |
|
زوراء ذات منزع بيون |
لقلت : لبّيه لمن يدعوني (٥) |
قلبت الألف ياء كما قلبت في «إلى» و «على» و «لدى» إذا وصلتها بالضمير ، فقلت : إليك ، وعليك ، ولديك. ووجه الشبه بينهما أن «لبّيك» اسم ليس له تصرف غيره من الأسماء لأنه لا يكون إلا منصوبا ، ولا يكون إلا مضافا ، كما أن «إليك» و «عليك» و «لديك» لا تكون إلا منصوبة المواضع ملازمة للإضافة ، فقلبوا ألفه ياء ، فقالوا «لبّيك» كما قالوا «عليك» و «إليك» و «لديك».
__________________
(١) حكاها أبو زيد في النوادر (ص ٥٨٣).
(٢) الكتاب (١ / ١٧٥ ، ١٧٦).
(٣) الكتاب (١ / ١٧٦).
(٤) ذكره صاحب اللسان في مادة (لبب) (١ / ٧٣١) دون أن ينسبه ، وذكره ابن عقيل (٢ / ٥٢).
(٥) زوراء : الأرض بعيدة الأطراف. منزع : هو الموضع الذي يصعد فيه الدلو إذا نزع من البئر. بيون : البئر الواسعة الرأس الضيقة الأسفل. اللسان (١٣ / ٦٤) مادة / بين. يقول : إنك لو ناديتني وبيننا أرض بعيدة الأطراف ، واسعة الأرجاء ، ذات ماء بعيد الغور لأجبتك إجابة بعد إجابة. والشاهد فيه (لبيه) حيث أضاف لبى إلى ضمير الغائب. وهذا شاذ. انظر / شرح ابن عقيل (٢ / ٥٣).