ونظير هذا «كلا» و «كلتا» في قلبهم ألفها ياء متى اتصلت بضمير وكانت في موضع نصب أو جرّ ، نحو : ضربت الرجلين كليهما ، ولم يقلبوا الألف في موضع الرفع ياء فيقولوا : قام الرجلان كليهما ، ولا قامت المرأتان كلتيهما لأنهما بعدا برفعهما عن شبه «إليك» و «عليك» و «لديك» إذ كنّ لا حظّ لهن في الرفع.
واحتج سيبويه على يونس ، فقال (١) : لو كانت ياء لبّيك بمنزلة ياء عليك وإليك ولديك لوجب متى أضفتها إلى المظهر أن تقرها ألفا ، كما أنك متى أضفت «عليك» وأختيها إلى المظهر أقررت ألفها بحالها ، ولكنت تقول على هذا : لبّى زيد ، ولبّى جعفر ، كما تقول : إلى زيد ، وعلى جعفر ، ولدى سعيد.
وأنشد قول الشاعر (٢) :
دعوت لما نابني مسورا |
|
فلبّى فلبّي يدي مسور (٣) |
قال (٤) : فقوله «فلبّي» بالياء مع إضافته إياه إلى المظهر دلالة على أنه اسم مثنّى بمنزلة : غلامي زيد ، وصاحبي سعيد.
وهذا شرح المذهبين وبسطهما ومعاني قول سيبويه ويونس فيهما ، وإن لم يكن لفظهما فإنه غرضهما.
ثم إن أبا علي فيما بعد انتزع لنا شيئا يؤنّس به قول يونس ، ولم يقطع به ، وإنما ذكره تعللا ، وهو أنه قال : ليونس أن يحتج فيقول : قوله «فلبّي يدي» إنما جاء على قول من قال في الوصف : هذه أفعي عظيمة ، وهذه عصي طويلة ، أي : أفعى ، وعصا ، وقد حكى سيبويه (٥) أنهم يقولون ذلك في الوصل كما يقولونه في الوقف ،
__________________
(١) الكتاب (١ / ١٧٦).
(٢) ذكره صاحب اللسان في مادة (لبب) (١ / ٧٣٢) ونسبه إلى الأسدي وهو بغير نسبه في الكتاب.
(٣) لبى : أجاب. والشاعر يدعو الله دائما عند ما ينتابه ضائقة فيجاب إلى دعائه. والشاهد فيه : استخدام لفظ (لبّى) بالياء مع إضافة الياء إليه.
(٤) يعني سيبويه. الكتاب (١ / ١٧٦).
(٥) الكتاب (٢ / ٢٨٧) ، وهي لغة طيئ كما في الكتاب ، وإبدالها ياء في الوقف فقط لغة لفزارة وناس من قيس ، وهي قليلة.