فهذا ما اقتضاه الوارد إليّ عنهم في باب العزّى إذ كنت لم أسمعها وصفا ، فإن وجدتها قد استعملت وصفا في شعر قديم ، أو حكاها بعض الثقات في كتابه أنها صفة ، وأنها تأنيث الأعزّ بمنزلة الفضلى من الأفضل ، والكبرى من الأكبر ، والصغرى من الأصغر ، فاللام فيها بمنزلة اللام في العباس والخليل ونحو ذلك ، وليست بزائدة على ما ذكر أبو الحسن ، على أنه رحمه الله كان من سعة الرواية بحيث لا ينستر (١) عليه حال هذه اللفظة ، ولو علم أنها قد استعملت صفة لما قطع بزيادة اللام ، ولما ألحقها باللات.
فأما اللات فلا إشكال (٢) مع ما قدمناه من كونها غير صفة أن اللام فيها زائدة ، وكذلك اللام فيها أيضا في قراءة من قرأ (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ) (النجم : ١٩) (٣) ، بكسر التاء ، لأنها أيضا ليست بصفة.
فأما اللام في الاثنين من قولك : اليوم الاثنان فليست بزائدة وإن لم يكن الاثنان صفة. قال أبو العباس : وإنما جاز دخول اللام عليه لأن فيه تقدير الوصف ، ألا ترى أن معناه اليوم الثاني ، وكذلك أيضا اللام في الأحد ، والثّلاثاء ، والأربعاء ونحوها ، لأن تقديرها : الواحد ، والثالث ، والرابع ، والخامس ، والجامع ، والسابت ، والسّبت : القطع.
وقيل : إنه سمي بذلك لأن الله جلّ وعز خلق السموات والأرض في ستة أيام أولها الأحد ، وآخرها الجمعة ، فأصبحت يوم السبت منسبتة ، أي : قد تمّت وانقطع العمل فيها.
وقيل : سمي بذلك لأن اليهود كانوا ينقطعون فيه عن تصرفهم ، ففي كلا القولين معنى الصفة موجود فيه.
__________________
(١) لا ينستر : أسلوب نفي يدل على سعة علم أبي الحسن رحمه الله.
(٢) إشكال : الأمر يوجد التباسا في الفهم. القاموس المحيط (٣ / ٣٨٩).
(٣) قال الأخفش في معاني القرآن (ص ١١) : وسمعنا من العرب من يقول : «أفرأيتم اللات والعزّى» ويقول : هي اللات فاعلم ، قال ذلك فجعلها تاء في السكوت ، و : «هي اللات فاعلم ، جرّ في موضع الرفع والنصب».