فأما ما أنشدناه أبو علي عن أبي عثمان (١) :
حتى إذا كانا هما اللّذين |
|
مثل الجديلين المحملجين (٢) |
فإنه إنما شبّه الذي بـ «من» و «ما» فحذف صلتها ، ووصفها كما يفعل ذلك بـ «من» و «ما» ويجيء هذا في قول البغداديين على أنه وصلها بمثل لأنهم يجرونها مجرى الظرف.
ومن زيادة اللام ما أخبرني به أبو علي (٣) أن أبا الحسن حكى عنهم : الخمسة العشر درهما ، فاللام في العشر لا تخلو من أن تكون للتعريف ، أو زائدة ، فلا يجوز أن تكون للتعريف لأن خمسة عشر اسمان في الأصل جعلا كالاسم الواحد ، وقد تعرّف الاسم من أوله باللام في الخمسة ، ومحال أن يتعرف الاسم من جهتين وبلامين ، فثبت أن اللام في العشر زيادة. إلا أنها ليست لازمة لزومها في الآن والذي ونحو ذلك.
ومن ذلك ما أخبرني به أبو علي (٤) ، قال : أخبرني أبو بكر عن أبي العباس عن أبي عثمان ، قال : سألت الأصمعي عن قول الشاعر :
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا |
|
ولقد نهيتك عن بنات الأوبر (٥) |
لم أدخل اللام في الأوبر؟
__________________
(١) البيت وجدناه في شرح المفصل دون أن ينسبه. انظر / شرح المفصل (٣ / ١٥٣).
(٢) الجديل : الزمام. لسان العرب (١١ / ١٠٣). المحملج : المحكم الفتل. اللسان (٢ / ٢٤٠) يقول الشاعر حتى إذا كان مثل الزمام المحكم الفتل. والشاهد فيه : تشبيه الذي بـ «من» و «ما» في حذف صلتها. رغم أنه وصلها بمثل.
(٣) ذكر ذلك صاحب المقتضب (٢ / ١٧٣).
(٤) ذكر ذلك أبو علي عن أبي بكر عن أبي العباس عن أبي عثمان.
(٥) جنيتك : أي جنيت لك. أكمؤا : جمع كمء بزنة فلس ، وتجمع الكمء على كمأة أيضا ، فيكون المفرد خاليا من التاء وهي في جمعه على عكس تمرة وتمر ، وهذا من نوادر اللغة. عساقلا : جمع عسقول بزنة عصفور وهو ضرب من الكمأة أبيض اللون (ج) عساقل ، وعساقيل بنات الأوبر : حيوان من ذوات الحوافر في حجم الأرنب ، قصير الذنب ، يحرك فكه السفلي كأنه يجتر ، ويكثر في لبنان.