فاذا استغله صاحبه في الفوضى والفساد والسلبية والسرف فانه يفقد دوره ويصيب الضرر جميع أبناء المجتمع ، ولنتصور سفيها بدأ يشتري البضاعة بأضعاف ثمنها ، انه سوف ينشر الخلل في موازين السوق ، وبالتالي يصاب الكثيرون من المحتاجين الى تلك البضاعة بالضرر الفادح.
من هنا يخط الإسلام خطا وسطا بين الرأسمالية والشيوعية ، فيحفظ للفرد حقوقه ، ويعطيه دوافع للإنتاج ومجالا للاختيار والتحرك ، كما يحفظ للمجتمع حقوقه في الرقابة على نشاطات الفرد ، وتوجيهها حسب مصلحة الجميع ومن أجل البناء والازدهار.
من هنا تجد التعبير القرآني يؤكد على ان المال ملك للجميع بالرغم من ان السفيه مختص به أكثر من غيره ، وبين فلسفة ذلك بقوله :
(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً)
هذا الغني الذي يصرف أموال المجتمع على متاعه الخاصة ، بينما كان عليه ان يصرفها في بناء المشاريع العمرانية والانسانية ، وهذا المستكبر الذي يستثمر ثروته في محاربة الرسالة ومقاومة اصلاحاتها ، وهذا المترف الذي يشجع الفاحشة ويبني دور اللهو والبغاء والمخدرات ، وهذا المفسد الذي يحتكر التجارة لذاته ، ويعمل بطريقة انانية تضر بمصلحة سائر التجار والجماهير ، انهم جميعا يتجاوزون حدّهم ، ويتصرفون في أموال المجتمع بما يخالف النظام الذي يستقيم بالمال ، ويضارون بالناس. وهنا عليهم ان يقفوا ضدهم ويحجروا على أموالهم ولا يعني ذلك مصادرة أموالهم حتى لا يعطي ذلك مبررا لبعض المنتفعين بالحكومات ان يتهموا الناس ببعض هذه التهم لمصادرة أموالهم : كلا ... بل يعني وضع أموالهم تحت رقابة هيئة مخلصة تقوم هي باستثمارها في الصالح العام ، وتضع الأرباح في