القهار ، ويردد مع إبراهيم ـ الأب الروحي لكل المجتمعات التوحيدية الخالصة ـ يردد : (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وفي هذه الآيات والآيات التي تأتي يبيّن القرآن نوع العلاقة التي يجب أن تحكم علاقتك بالناس ، ابتداء من أقاربك وانتهاء برجال الدين ، ومرورا بالمحرومين والأغنياء.
ويبدأ القرآن حديثه بالنهي عن علاقة الشرك ، التي تعني التسليم المطلق ، والأمر ـ بديلا عنه ـ بعلاقة الإحسان فما هي هذه العلاقة؟
انها علاقة العطاء من اليد العليا ، لا العطاء وأنت صاغر مكره ، والفارق بينهما : أنك في حالة العطاء باليد العليا لم تفقد شخصيتك ، ولم تتنازل عن عقلك وأرادتك واستقلالك وحريتك ، أما في الصورة الثانية فانك قد هبطت الى درك العبودية.
ان الذين يطيعون آباءهم بعلّة انهم آباؤهم سواء كان هؤلاء مهتدين أو ضالين لا يعقلون شيئا ، وهؤلاء ينطلقون في عبادتهم من الضعف والهزيمة ، وبالتالي يفقدون صفة الإنسان ، ويتحولون الى آلة صماء تتحرك بلا ارادة.
أما الذين يحسنون لآبائهم دون أن يطيعوهم طاعة عمياء ، وينفقون عليهم دون ان يتنازلوا عن حريتهم ، فهم ينطلقون من موقع القوة ، ويحققون أصالتهم ، ويثبتون حريتهم واستقلالهم بذلك.
من هنا جاءت الكلمة الاولى في هذه الآية تقارن بين العبادة والإحسان فقالت :
(وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)