تحت مثل هذا العنوان كتب ابن الجوزي : أنّ المتوكّل أشخص الفقهاء والمحدّثين ، وكان فيهم : مصعب الزبيري ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي ، وعبد الله وعثمان ابنا محمّد بن أبي شيبة وكانا من حفّاظ الناس ، فقُسمت بينهم الجوائز ، واُجريت عليهم الأرزاق ، وأمرهم المتوكّل أن يجلسوا للناس وأن يحدّثوا بالأحاديث التي فيها الرّد على المعتزلة والجهمية ، وأن يُحدّثوا بالأحاديث في الرؤية (١)..
ومثل هذه الأجواء سوف تفتح باباً فسيحاً للكذب ووضع الحديث ، كالذي حدث في فضائل الصحابة زمن معاوية ، فوضعت أحاديث كثيرة في الصفات تفيد التجسيم ، وفي الرؤية ، وفي قِدَم القرآن ممّا ليس له أصل في الإسلام ، ولم يُعرَف قبل هذا التاريخ (٢).
وفي هذه الأجواء نشطت عقيدتا « التشبيه » و « التجسيم » المنحرفتان ، إفراطاً في ردّ عقيدة « التعطيل » المنحرفة الاُخرى التي تعزّزت في عهودِ ثلاثة من الحكام العباسيين تعاقبوا على الحكم ؛ المأمون ، والمعتصم ، والواثق ، وكان لهذه العقائد المنحرفة ظهور قبل هذا التاريخ.
ـ إلى هنا يبدو أنّ لقب « أهل السنّة » كان له ظهور فعلي في هذه المرحلة بالذات ، مرحلة أحمد بن حنبل والمتوكّل ، في خضمّ الصراع الفكري حول
_____________
(١) المنتظم ١١ : ٢٠٧.
(٢) اُنظر : العلل المتناهية ١ : ٢٠ ـ ٤١ ، اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة / السيوطي ١ : ٣ ـ ٣٣ ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ ١٩٨٣ م.