والقواعد ما يبرّر عدّه فرقة مستقّلة.
ثمّ ظهرت ألوان خطيرة من التعسّف حين ذهب المتكلّمون والمؤرّخون إلى تحديد تأريخ نشأة كلّ واحدة من الفِرق ، وتعيين الاُصول التي استقت منها عقائدها.
فعند غياب المعالم الثابتة لذلك التاريخ ، وغياب الأدلّة القطعية على انتسابها إلى تلك الاُصول ، فسوف يُضطرّ هؤلاء إلى إقحام آرائهم الشخصيّة في ذلك ، ولم تخلُ الآراء دائماً من ميلٍ إلى فئة ، وهوىً مع طائفة ، وتحامل على اُخرى.
فأدّى ذلك إلى ظهور أخطاء كثيرة ، وقاد إلى مزيد من الغموض ، كما حمّل كثيراً من الفرق أبعاداً غريبةً عليها.
ومن أمثلة ذلك : ما ذهب إليه البعض من إرجاع الكثير من الفِرق الإسلامية إلى اُصول غريبة عن الإسلام ، كاليهودية والنصرانية والمجوسية واليونانية والهندية.
وقد ظهر هذا الاتّجاه قديماً في كتب الملل والنحل ، ومضى عليه ابن تيميّة وتطرّف فيه (١).
وأخذ به الكثير من المتأخّرين ، وأكثر المستشرقين (٢).
_____________
(١) كما في : (الحمويّة الكبرى) و (اقتضاء الصراط المستقيم) و (منهاج السنّة : ج ١) ومن عباراته المتكرّرة في وصف بعضهم قوله : (هؤلاء أفراخ الفلاسفة ، وأتباع الهند واليونان ، وورثة المجوس والمشركين وضلّال اليهود والنصارى والصابئين).
(٢) من أمثال : فلهاوزن ، وجولد تسهير ، ونيكلسون.