وقَلَبَ آخرون : القول مع إقذاع في الكلام ، فوصفوا المعتزلة بأنّهم (مخانيث الخوارج) ! (١).
لكنّ الإباضية خالفوا المعتزلة ـ كما خالفوا أهل البيت عليهمالسلام ـ ووافقوا الحشوية والأشعرية في مسألة خلق القرآن (٢).
لقد احتاج الاُمويون منذ البداية إلى تبرير سياستهم الجائرة وركوبهم المعاصي ، فذهبوا إلى تأويل بعض آي القرآن الكريم بما يفيد الجبر والتسيير ، ليقولوا للناس إنّ ما صنعناه إنّما هو من قضاء الله تعالى وقدره ، وليس من أيدينا ، بل حتّى مناصبهم هذه فهي من الله تعالى فهو الذي جاء بهم إلى الملك وملّكهم ، لأنّه تعالى مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممّن يشاء !! هكذا ليكونوا أبرياء من كلّ ما ارتكبوه في طريقهم إلى انتزاع الملك ! وليكونوا مخوّلين في كلّ ما يصنعون بعد ذلك.. وبمثل هذا التأويل الفاسد أصبح يتكلّم بعدهم علماء كبار !! يقول ابن العربي في معرض « تأسّفه ! » على مصرع الحسين عليهالسلام : « ولو لا معرفة أشياخ الصحابة وأعيان الاُمّة بأنّه أمر صرفه الله عن أهل البيت... وما أسلموه أبداً » ! (٣)
_____________
(١) الفكر السياسي عند الإباضية : ٨٢. ونسبه إلى ابن تيمية ! والصواب أنّه كلام معروف قبل ابن تيمية (٧٢٨ ه) بقرون ، فقد نقله البغدادي (٤٢٩ هـ) بنصّه في كتاب / الفرق بين الفِرق : ٨٢.
(٢) الفكر السياسي عند الإباضية : ٧٩.
(٣) العواصم من القواصم ـ بتعليق محب الدين الخطيب : ٢٤٥.