فأولى الاُمور الكتمان » ! (١) فذلك كلّه راجع إلى تقديرهم للمصلحة ، لا غير !
عاود هؤلاء نشاطهم الحربي بعد انتظام الملك لمعاوية ، وكانت لهم في العهد الاُموي حروب عديدة طاحنة كادت تفني وجودهم ، فتضعضع أمرهم بسبب ذلك كثيراً.
وزاد في تشتيت أمرهم وقوع الاختلاف الكثير في ما بينهم ، في مسائل كثيرة ألحّت عليهم حين أصبحوا يواجهون مباشرة مشاكل المجتمع المعقّد سياسياً وفكرياً ، فاختلفت إجاباتهم عليها ومواقفهم إزاءها فتفرّقوا على ذلك فرقاً ، اختلف فيها أصحاب تواريخ الفرق كثيراً (٢) ، إنّما بقي يجمعهم تحت عنوان رئيسي واحد جملة من عقائد المحكّمة الاولى ؛ كالبراءة من أصحاب الكبائر ، وتجويز الإمامة لغير القرشي ، وأنّ الإمامة بالانتخاب ، وإذا زاغ الإمام وجب عزله أو قتله.
أمّا أهمّ هذه الأقسام وأكثرها أثراً في التاريخ ، فهي ثلاثة :
١ ـ الأزارقة : أتباع نافع بن الأزرق الحنفي ـ من بني حنيفة قوم مسيلمة الكذّاب ـ وهو صاحب الأسئلة المعروفة في غريب القرآن التي أجابه عليها ابن
_____________
(١) الإباضية مذهب إسلامي معتدل / علي يحيى بن معمر : ٢٥ ـ ٢٦ (ط ٢) بواسطة د. أحمد جلي / الخوارج والشيعة : ٩٧ ـ ٩٨ ـ مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ـ ط ٢ ـ ١٤٠٨ هـ.
(٢) اُنظر : مقالات الإسلاميين / الأشعري : ١ / ١٦٣ ـ ١٩١ ـ ط ٢ ـ ١٤٠٥ هـ ، الملل والنحل / الشهرستاني ١ : ١٠٥ ـ ١٢٤.