المرتبة الاُولى في اهتمامه.. وإلّا فلقد جمع الأستاذ نفسه في مقدّمة الموضع المشار إليه من بحثه المادةَ الكافية في تحصيل الجواب الصحيح لتمرّد « المارقين » عن شرط القرشية ، إذ وضع جدولاً بأسماء زعماء هذه الفرقة ، فأحصى ثمانية عشر زعيماً لهم على الترتيب ، ليس فيهم قرشي واحد ، وقد التفت إلى ذلك فقال : فهم جميعاً ما بين عربيّ غير قرشي ، وما بين مولى من الموالي اشترك في البيعة له « بإمرة المؤمنين » العرب والموالي على حدٍّ سواء !
والذي ينبغي أن يُلتَفت إليه أنّهم لو وجدوا قرشياً يسندون أمرهم إليه لما خفيت عليهم المصلحة في تسويده آنذاك ، ولسار إلى البيعة له العرب منهم والموالي على حدٍّ سواء.. ألا ترى أنّ منهم من أجاز البقاء بلا إمام ، وقالوا : إنّ إقامة الإمام ليست واجبة بإيجاب الشرع ، بل جائزة ، وإذا وجبت فإنّما تجب بحكم المصلحة والحاجة ؟! هذا قول النجدات منهم (١).
فهل انتزعوا هذا من روح فلسفة الحكم في الإسلام ؟ أم أملاه عليهم واقعهم ، إذ كانوا قليلين خائفين متفرّقين في البلاد لا يستطيعون أن يجتمعوا على إمام لهم إلّا حين يجدون في أنفسهم قوة على القتال ، أو يرغمون عليه إرغاماً حين تبدأهم السلطة بالقتال ! فذلك هو الذي ألجأهم إلى التهرّب من وجوب نصب الإمام والانتظام في جماعة.
وصريح في هذا قول الإباضية : « الإمامة واجبة حفظاً للدين ، وإذا بلغ عددهم نصف عدد مخالفيهم وجب عليهم نصب الإمامة الإباضية ، وإلّا
_____________
(١) المذاهب الإسلامية : ١٠٦.