للخلافة ؛ فاعتقدوا بخلافة أبي بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ علي ، واعتقدوا أنّ الخلافة شورى وانتخاب..
لكنّ المبدأ الآخر ، وهو أساسي لديهم مميّز لهم عن سواهم ، وهو الاعتقاد بكفر مرتكب الكبيرة ، قد ترك أثره على الصياغة الاُولى مع المحافظة على ترتيبها ، فبقي الإيمان بترتيب الخلفاء كما هو ، لكن قسموا حكومة عثمان إلى نصفين فآمنوا بالأول وكفروا بالثاني وتبرّأوا من عثمان في السنين الستّ الأخيرة من خلافته ، وكذا فعلوا مع خلافة عليّ عليهالسلام فآمنوا بأوّلها وكفروا بآخرها منذ التحكيم ، ومن الكبائر عندهم عدم البراءة من عثمان وعلي في السنين الأخيرة من حكمهما ، ومثل هذا الذنب يستحلّون به الدماء والأموال !
ـ ثمّ أحدثوا مقولة جديدة في الخلافة ، تقضي بجوازها لكلّ مؤمن قادر على القيام بأعبائها ولا تشترط فيه القرشية.
والصحيح أنّ الذي ألجأهم إلى هذا الاعتقاد ، هو عدم وجود قرشي في رجالهم ، مع قلّة عددهم بالنسبة إلى غيرهم ، وسلوكهم نهج المواجهة بالسيف ، فاحتاجوا لأجل ذلك إلى نظمٍ شديد ودقيق لأمرهم ولجماعتهم ، فلو التزموا قاعدة « الأئمّة من قريش » لتبدّدوا وضاع أمرهم قبل أن يجتمعوا على قرشيّ يقوم بأعباء منهجهم.. فهذا الذي دعاهم إلى نقض شرط القرشية في الخلافة ، وليس هو « التطبيق الأول لروح فلسفة الإسلام في هذا المقام » كما صوّره الدكتور محمّد عمارة (١) رغبةً في تدعيم النهج « الديمقراطي » في الحكم ، والذي كان يركّز عليه بشكل بيّن ، ولأجله حضي « المارقون » بعطفه ، ونال « المعتزلة »
_____________
(١) الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية : ١٤٢.