كلمة المركز الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين نبيّنا محمد ، وآله الطيّبين الطاهرين.. وبعد. إنّ التطوّرات السياسية المتلاحقة التي طرأت على الأمّة قبل تدوين تاريخها ، ابتداءً من السقيفة وإلى نهاية القرن الثاني من الهجرة كان لها أكبر الأثر في تشويه معالم التاريخ الإسلامي ، لمحاولة السلطات السياسة ـ لا سيّما في العهدين الأموي والعباسي ـ توجيه حوادث التاريخ الإسلامي بما يخدم سياستها ويعزّز من وجودها ومن هنا أنزلت عقوبتها باتّباع الفكر المعارض ، ولجمت الأفواه عن قول الحقّ ، وسخّرت جملة ممّن عاشوا على موائدها لأنْ يضعوا لها تفسيراً يتلائم مع رغبتها ، وتبريراً يستر فصائحها على حساب المفاهيم الإسلامية سواء كان ذلك على مستوى رواية الحديث في تمجيد من يشاء الحاكم أو ذمّ من يريد ، أو على مستوى صياغة الحدث التاريخي أو روايته بما يناسب توجّه السلطة وطموحها ، الأمر الذي أدّى بطبيعته إلى وقوف السلطة إلى جانب الفكر المساعد على بقاء منهجها وديموميّة سياستها وتأييده بكلّ قوّة ولو كان شاذّاً. وما تاريخ أمّتنا السياسي والثقافي إلّا حصيلة أدوار مختلفة بين انحراف واستقامة وخطأ وصواب ، ولهذا علقت بمسيرته خرافات وأساطير ، وشوائب كثيرة ، وألوان دخيلة حتى وصل إلينا وهو يجرّ خطواته في وهن وضعف مكبّلاً بأغلال المعطيات السياسية وتقلّباتها ، والمنعطفات المذهبية وطائفيّتها ، حاملاً أثقال ما جنته على حوادثه في القرون الثلاثة الأولى من عمره ، وبصورة أثّرت اكثيراً على فهم حقائقه ، ومن هنا وجب الاحتراز