ويشغلوا المناصب العالية » (١) وربّما كان أوّلهم سرجون النصراني ، كاتب معاوية وأمين سرّه !
ـ الإرجاء الثوري (٢) : لما كان ذلك الإرجاء قد صيغ لحماية السلطة والدفع عنها ، فمن الطبيعي أن يضيق نطاقه ويتّسع وفقاً لمصلحة السلطة ، فالسلطة حين تتعامل مع خصومها لا يمكن أن تتعامل معهم وفق عقيدتي الإرجاء والجبر اللتين أظهرتهما ، لأنّ خصومها ـ وفق العقيدة الجبرية ـ سيكونون معذورين لأنّهم لم يصنعوا شيئاً من الخلاف إلّا بقضاء وقدر لا يملكون إزاءه خياراً !!
ووفق عقيدة الإرجاء ليس للسلطة أن تقيم عليهم حدّ العاصي الخارج عن الإسلام لأن الإيمان لا تضرّ معه معصية !! وهنا ستقع السلطة بالتناقض الفاضح..
هذا التناقض قد خلق لها أعداءً من شركائها في الإرجاء أو في الجبر والإرجاء معاً ، حين وقف هؤلاء الشركاء مع عقائدهم لا مع مصلحة السلطة وسخريتها بالناس.
فحصل بسبب ذلك التناقض أن قامت الحروب بين شركاء العقيدة.. فأظهر غيلان الدمشقي عقيدته بفساد بني اُمية ، وقد يكون ذلك بباعث من اعتقاده بالقَدَر ، الذي يُلقي عليهم بكامل تبعات أفعالهم ، فكان أيّام عمر بن عبد العزيز ،
_____________
(١) تاريخ الإسلام / حسن إبراهيم حسن ١ : ٤١٧ و ٤١٨ ـ مكتبة النهضة المصرية ـ القاهرة ـ ١٩٦٤ م.
(٢) للدكتور محمد عمارة بحث مهم في هذا القسم لكنّ الأدلّة التي اعتمدها لا تعينه على ما أراد لو اُخضعت للتحقيق. اُنظر : الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية : ١٦٩ ـ ١٧٢.