وأكثر الناس في الواقع هم من هذا النموذج ، إذ يطيعون من بيده المال أو السلطة ، وهؤلاء أيضا فاسدون كغيرهم.
د ـ انما الفريق الرابع فهو الذي يطيع ، ولكن لا للشهوات والمصالح ، ولا حبا في الطاعة العمياء ، وانما يطيع القيم ، فطاعته لاي أحد نابعة من ولائه للحق ، وايمانه بالقيم السامية ، وهذا هو الإنسان الذي يجب ان تسعى الاسرة الفاضلة من أجل تربيته وتنمية مواهبه ، وبلورة شخصيته.
ويحدثنا القرآن الحكيم في منتصف هذه السورة عن ضرورة الطاعة ، وانها يجب ان تكون لله لا للمصالح ، وليس خوفا من إرهاب اي سلطة بشرية ، وهذه هي النقطة المحورية لبناء الإنسان الفاضل في الاسرة الفاضلة ..
ثم ان الاسرة الفاضلة تبتدئ من الإنسان المطيع لله ، وتنتهي اليه ، فالأب الذي لا يخضع لشهواته العاجلة ، ولا لمصالحه الخادعة ، ولا للشركاء من دون الله كسلطان الجور ، وأصحاب المال : انه هو الذي يستطيع تربية ابنائه على شاكلته ، اما الآخر الذي تمتلئ حياته بالطاعة العمياء ، للمال ولأصحاب المال ، أو السلطة ولأصحاب السلطة ، أو للارهاب ، فانه لا يستطيع تربية ابنائه أحرارا ، يقاومون انحراف النفس والمجتمع.
رابعا ـ لو بحثنا بعمق عن الأسباب الحقيقية للانحرافات البشرية ، لوجدناها تنطلق من طاعة الإنسان للشهوات ، فالذي لا يطيع شهواته لا يسرق ، لان من يسرق انما يسرق لكي يصبح أكثر ثراء من غيره ، أو ليست هذه شهوة؟
وهكذا يكذب الإنسان ويظلم أو يخاف من الناس ، وهو يعلم ان كل ذلك طريق للانحدار والتردي.
وإذا ما عالج الإنسان هذا المرض عنده فان سائر الانحرافات التي يعاني منها