لم ينزل معه ملك نذيرا. إنما هم مرضى القلب ، ولا بدّ أن يستشفعوا وشفاؤهم في التذكرة بالساعة. حيث تتضاءل عندها ثروة الدنيا ومصيباتها ، وعندها تتحرر أفئدتهم من قيود الشهوات.
ومن هنا كانت الآية هذه والتي نتلوها بيانا لسبب كفرهم ، وأيضا شفاء لمرض كفرهم.
ويستمر السياق في وصف النار ليزداد القارئ تجردا عن أغلال القلب ، وبالتالي يزداد إيمانا بالكتاب. ذلك انّ القرآن لا يجادل الكفار بالرسالة فقط ، وانما هو يزيد ايمان المؤمنين بها عبر إنذارهم بالساعة ، فكلّما وعوا حقيقة العذاب كلّما أبصروا بنور قلوبهم حقائق الوحي أوضح وأجلى.
صور من العذاب :
[١٢] ومن صفات جهنم انها تلتقط طعمتها من مسافة بعيدة لقوة جذبها ، فاذا رأت أصحابها مصفدين بالأغلال ، مستسلمين لا يملكون حراكا ولا هربا ، فانها تسحبهم بلهيبها ، وفي الوقت نفسه تستعر استعارا شديدا وبصوت رهيب وهذا هو التغيظ. كل ذلك لاستقبال أعداء الله والرسالة ، و في الحديث الشريف عن الامام الصادق عليه السّلام
«إن جهنم تدعو أصحابها من مسيرة سنة» (١)
إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً
وبالاضافة إلى ذلك فإنهم لا يدخلون جهنم دخولا عاديا ، وانما يهوون فيها لأنها موجودة في مكان سحيق.
__________________
(١) المصدر ص ٧.