وبعد ذلك كله يجب علينا أن نستجيب لنداء الله تعالى بقوله :
( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) ( الذاريات / ٤٩ ـ ٥٠ ) فإذا كنا فارين منه بالكفر والمعاصي فلنفر إليه بالإيمان والاستغفار والأعمال الصالحة قبل أن يأتي يوم لا مفر فيه من حكم الله وعقابه فإنه أحكم الحاكمين. فهو قد هيمن على الذرة وفروعها ، وهو المهيمن على أعمالنا وهو محصيها وسيحاسبنا على أصغر ما فيها ، كما قال تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) ( الزلزلة / ٧ ـ ٨ ) وقال تعالى أيضا : ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) ( يونس / ٦١ ) فيجدر بالإنسان إذن أن يتوب من ذنوبه ويستغفر ربه ، فإنه أرحم الراحمين ويحب التوابين والمستغفرين ، كما قال تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ).
الفارون من الله
الكافر الملحد هو المنكر لوجود الله تعالى ، ويزعم أن هذا الكون وُجد بقوانين طبيعية متطورة للمادة (١). يُرد هذا الرأي بتحكيم العقل السليم من أمراض الشهوات والأهواء والتعصب لتقليد الآباء ، والتحيز لما لديه من الآراء ، فيقرر أن تلك القوانين لا بد أن يكون لها ابتداء زمني يُهيمن عليها قانون السببية وهو :
١ ـ أن لكل متحرك بنظام محركا عاقلاً خارجاً عنه.
٢ ـ أن لكل مصنوع صانعا ، وأن لكل بناء بانيا. فمن أنكر هذا القانون
__________________
(١) قد يسأل الأطفال والجهال مَن خلق الله ؟ الجواب : إن الله تعالى يمتاز بصفة خاصة وهي أنه ليس له خالق ، وأن السؤال يدعو إلى التسلسل وهو من خلق الخالق .. وهكذا ، ونسأل الملحد من الذي خلق الطبيعة ؟ فالسؤال ليس له أي وزن علمي.