ثانيا : يجب على الحاج أن يسعى ليكون حجه مبرورا ، وذلك بالاستغفار من ذنوبه. ويتحلل ممن ظلمه ولو بكلمة واحدة قد أهانه بها ، ويحذر أن يكون قاطعا للرحم فيصل أرحامه وإن قطعوه أو كانوا فاسقين حتى في ترك الصلاة ، ويحذر كذلك ان يكون هاجراً لأخيه المؤمن أكثر من ثلاثة أيام ( استفت العلماء ). كذلك يجب عليه أن يزكى جميع أمواله ولا يقتصر على نفقة الحج فقط ، فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ( لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون وما تنفقوا من شيء فإنّ الله به عليم ) ( آل عمران / ٩٢ ) ( راجع صفحة : ٢٧ رجاء ).
فهل يدري الحاج أنه سيرجع إلى بلده ليتمتّع بأمواله التي جمعها وعددها ؟ كلا. فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأيّ أرض تموت إن الله عليم خبير ) ( نهاية سورة لقمان ).
ثالثا : هو أهم النداءات لأنه يهدف إلى زيادة الإيمان وتثبيته في القلب ، وذلك أن ينظر الحاج إلى سماء مكة المكرّمة ويتصور تلك الطيور التي أرسلها الله سبحانه وتعالى وقد حُمِّل كل طير ثلاثة أحجار صغيرة بحجم ما بين العدسة والحمصة ، أحدها في منقاره والآخران في رجليه ، فرمت تلك الطيور بالأحجار ذلك الجيش العظيم الجبار الذي دخل مكة ليهدم بناء الكعبة ، فدمرته تدميراً كما قال تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيراً أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصفٍ مأكول ) معنى العصف : العلف الناتج من الحبوب. فالمقصود أن أفراد الجيش قد دُمروا جميعا بصورة أن أجسامهم قد أصبحت مطحونة كالعلف بعد أن يأكله الحيوان ( كما بحثت السورة ، والله أعلم ).
فليفكر الحاج : هل هذه القصة خيالية ؟ كلا. إنّها وقعت وتواتر وقوعها. فمن شكّ فيها كان مثله كمن شكّ في وجوده. لذلك خاطب الله